وليس ببصر الدنيا ولا بسمعها.
قوله عز وجل: ﴿أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ (٢١) وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٢) أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٢٣) ﴾.
عن قتادة: ﴿أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ﴾ لعمري لقد تفرق القوم في الدنيا، وتفرقوا عند الموت، فتباينوا في المصير. وقال البغوي: ﴿أًمْ حَسِبَ﴾ بل حسب ﴿الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ﴾ اكتسبوا المعاصي والكفر ﴿أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ نزلت في نفر من مشركي مكة قالوا للمؤمنين: لئن كان ما تقولون حقًا لنفضلن عليكم في الآخرة كما فضلنا عليكم في الدنيا ﴿سَوَاء مَّحْيَاهُم﴾ يعني: أحسبوا أن حياة الكافرين ومماتهم، كحياة المؤمنين وموتهم سواء؟ كلا ﴿سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾ بئس ما يقضون.
وعن ابن عباس: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾، قال: ذلك الكافر اتخذ دينه بغير هدى من الله ولا برهان. وقال قتادة: لا يهوى شيئًا إلا ركبه، لا يخاف الله، ﴿وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ﴾. قال ابن عباس: أضله
الله في سابق علمه. قال ابن كثير: وقوله: ﴿وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ يحتمل قولين أحدهما: وأضله الله لعلمه أنه يستحق ذلك، والآخر: وأضله الله بعد بلوغ العلم إليه وقيام الحجة عليه؛ والثاني يستلزم الأول ولا ينعكس. {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ