وعسى أن تكون هذه الأخيرة كفيلة بتحقيق بعض النتائج التي نرجوها من وراء هذا العمل، لأنها تعتمد على الدوال، ونحن مقصدنا اللفظ بوصفه دالاً وعنه نكتَشِفُ طريقة بناء الشخصية..
إن الشخصيات الموظفة في قصة الوليد لا يمكن دراستها إلا بواسطة العلامات المُميِّزة لها، واللجوء إلى العلامات يقتضي الدوران في محيط السيميولوجيا التي "تقوم على العلاقة بين العلامة والدال والمدلول، فالعلامة مكونة من دال ومدلول، يشكل صعيد الدوال صعيد العبارة، ويشكل صعيد المدلولات صعيد المحتوى"(١)...
إلاّ أننا فيما توصلنا إليه لم نكن نحفل بالمضمون (المدلول) بل كان مقصدنا الدوال، لأننا ألفينا "اللغة تنهض بوظيفة سردية بنائية لا تقل عن وظائف الشخصيات، والحيز، والزمان، والحدث"(٢).. وعلى هذا النحو كانت دراستنا...
١ ـ الشخصيات بحسب تواترها في القصة:
ما يمكن أن نلاحظه في قصة الوليد هو طغيان تقنيات توظيف الثنائية الضدية بصورة مكثفة، تجعل منها ظاهرة ذات دلالات معينة تمرّ عبر نسيج سردي محكم..
إن هذه الثنائيات في قصة الوليد هذه، تمثل النظام الذي يوجه القصة، ويحدد المسافة بين البطل (الرسول) والبطل المضاد (الوليد)..
ولعل هذا النظام يكون قد جاء من طبيعة القصة نفسها، لأنها تصور صراعاً بين عقيدتين إحداهما جديدة وأخرى بالية..
هذا الصراع جعل القصة تنبني على تصور ثنائي للأوضاع المتحينة زمن الدعوة الإسلامية. لقد كانت الشخصيات موزعة عبر القصة ومسخرة لتحقيق مبدأ الثنائية الضدية..
وهي حسب الظهور:
(٢) د. عبد الملك مرتاض: ـ بنية السرد في الرواية العربية الجديدة ـ تجليات الحداثة ـ ع٣ ـ ص ٢٠.