وفي ظل هذه التوظيفية "يتحول إلى مفهوم السرد من مجرّد عرض لأحداث أو حالات (وضعيات) إلى نظام من التواصل"(١) هذا النظام بإمكانه أن يكشف عن طبيعة التواصلية الجديدة التي تنشئ الصيرورة الخطابية السرمدية عبر الزمن الدعوي، مذ هذه القصة إلى قصة الخلاص الأبدي وقيام الساعة.
إن الألفاظ المكوِّنة للفقرة السابقة، تجسد صعوبة الفعل الخطابي الذي تكشَّف للنبي صلى الله عليه وسلم، بحيث لم يعد قادراً على التواصلية وذلك بفعل تأثير ادعاءات الوليد عليه، الأمر الذي جعله منهوك القوة ذا عزيمة فاترة.
إن المجسِّد لهذا، هو توظيف أدوات القسم الثلاث المستخدمة في نمطية السردية القصصية والتي هي: ن، والقلم، مايسطرون. ثم تعداد جواب القسم: ما أنت، وإن لك، وإنك لعلى. حيث هذا التضخيم في القسم وجوابه يوحي بصعوبة المرحلة التي كان يعيشها الرسول والتي كانت نفسيته مسرحاً لها وما يدعم ذلك مخاطبته بـ"ربك" في الموطنين المذكورين..
نجد هذه الإضافة ذات دلالة مضمونية تشي من أن محمد ﷺ كان وحيداً في المعركة، الشيء الذي يستدعي توفير العناية له، فهي تنطوي على قدر كبير من الرعاية والحنان..
إذا تأملنا كل هذا، وتأملنا هذه الإضافة، وجدناها تحدد طبيعة السرد الباني لشخصية الرسول. فكأن الخطاب فيها موجه لمحمد وحده، وكأن السارد ـ بهذه الإضافة ـ ربُّ محمد فقط...
ولو تأملنا مجدداً موقف محمد من قريش ـ وهو وحيد، وهم عدد لا يحصى والمهابة التي كانوا عليها، والحمية التي تجمعهم ـ لأدركنا ما لهذه الإضافة من تأثير إيجابي على شخصيته صلى الله عليه وسلم.

(١) C.I.Bremond: Logique du recit p ١٢. Seuil ١٩٧٣ /نقلاً عن حسين خمري: تجليات الحداثة ـ ع٣ ـ ص ١٧٤.


الصفحة التالية
Icon