إن الشخصيات الموظفة في قصة الوليد، خبرية، وصفية، سردية، تقريرية، قريبة من الحواس، لم تتشكل على لسان راوٍ أو مبدع، بل تشكلت وتبلورت من خلال ما تمارس من سلوك وحركة ومواقف، كشفت عنها بنفسها مرة وكشف عنها السارد أخرى.
وعسى أن يكون الأمر الملاحظ في طبيعة الشخصيات ـ هنا ـ هو التوازن الملحوظ بين الشخصيتين المسخرتين في هذه القصة، من حيث جانب الحَيّز المخصص لهما، وأيضاً ألفينا ظاهرة سردية، وجديرة بالمتابعة، تمثلت في، أن السردية ـ وهي تصف في إحدى الشخصيتين وصفاً ظاهرياً ـ، ينضوي تحتها ـ وبطريقة صامتة ـ حديث عن الشخصية الثانية.
بمعنى أن هناك ثنائية ضدية في مجال توظيف الشخصية. كما سنوضح ذلك فوراً..
فشخصية الرسول ﷺ من منزلة الأنبياء، حيث عالم الملكوت، كون الاستجابات والانفعالات والتواصل والعطاء والاستمرار وفيض العواطف. ينضاف إلى ذلك المدد القبلي(١). وهي من وسط اجتماعي قنوع، اكتفى بما أعطاه الخالق، ورضي بذلك. استمدت شرعيتها من الملأ الأعلى، ثم وجدت الكون الأرضي مجالاً لبسطها.
وفي هذا السياق يقرر القرآن: ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يؤْمِنونَ حَتى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهم، ثُمَّ لاَ يَجدُوا فِي أَنْفِسُهم حَرَجَاً مِما قَضَيْتَ وَيُسَلِّموا تَسْلِيماً ﴾.(٢)
(٢) الآية ـ ٦٥ سورة النساء.