أمَّا الوليد من منزلة الأعيان، حيث الجاه، والسيادة والثراء، والحضور القبلي، والحمية الجاهلية. ونجد مكانتها واردة إلى الذهن من خلال كل الآيات أو السور التي كانت تعالج الوليد بن المغيرة، فهي متكبرة متعجرفة، فضلاً عن غناها وترفها..
استمدت منزلتها بما رزقت من ثراء خوّل لها تلك المنزلة القبلية.
رابعاً ـ المكوِّن الحدثي:
تتشكل قصة الوليدمن برنامجين سرديين متضادين، يكوّنان أحداث القصة، ويصنعان خطابها وينظمان صيرورتها، وهما برنامج البطل [الرسول] وبرنامج البطل المضاد [الوليد].
غير أن هذا التضاد ألفيناه يتمظهر في مستويين (الشكل والمضمون).
ففي المضمون يُمارس تَحولٌ على مستوى المسار المحتواتي بالنسبة للشخصيتين المكونتين للبرنامج السردي (parcours naratif) الذي هو "مجموعة من الوحدات السردية المتعلقة بالتركيب التوظيفي الذي يمكن تطبيقه على كل أنواع الخطابات"(١) حسب تعريف قريماس. فالرسول يعرضه السرد بطريقة تصعيدية، بحيث ألفيناه يائساً باخعاً منذ حركة القصة الأولى، لتنتهي القصة وهو منتصر، يزهو ويرفل في أثواب المدد الرسالاتي.
أما الوليد، فإنه يُعْرض ضمنياً من موقف قوة، لينتهي في أحضان هزيمة نكراء، فيندحر وتتلاشى نخوته.
أما من جهة الشكل، ألفينا الرسول يشغل حيزاً يكفل له التحرك عبر نصف القصة، الأول ويشغل البطل المضاد النصف الثاني من القصة، والبنية الواضعة له، يظهر فيها الوصف داخلياً وخارجياً، لتنتهي عند سين التسويف التي تقرّب هزيمته.
وفي خضم هذه الحركة السردية المضادة، يحاول كل من البطلين إلغاء الآخر، والقضاء عليه لتأكيد حضوره وبسط عقيدته.