وسبيلنا في ذلك، أن نضع بين أيدي المشتغلين في حقل الدراسات القرآنية هذا المسعى، فإن آنسوا منه رشداً فليدفعوا به نحو الأمام، وإلا يبقى اجتهاداً مفتوحاً وكفى.
((
الفصل الأول:
السردية القرآنية وبناء الشخصية
أولاً: إشكالية المفهوم
١-مفهوم السرد:
لقد أحصى المشتغلون في حقل النقد الأدبي أنواعاً سردية عديدة، حين تناولوا النص الأدبي في مجاله الشعري والنثري (دراسة وتنظيراً) وهي عدّة إجرائية، من شأنها تحديد سرديات الخطاب الوضعي، كما حدّدها، بروكس، جينيت، قريماص، أو تودوروف.
وهي وإن كانت كثيرة، فالتّنوع السردي القرآني يظلّ متميزاً بالإطار الفني الذي ترسّخ للبيان القرآني.
إن السردية القرآنية- بخصوصياتها الجمالية والأدبية- تتشكّل وفق تصورات فنية مخصوصة- سنذكرها في حينها- ونجدها بموازاة هذه التشاكلات تحافظ على البنية التركيبية للنص الذي سيقت فيه، وعلى المحتوى
(Le contenu) الذي يعالجه.
ولعل السرد بمفهومه السيميائي، يمثل أهمّ خطوة مفاعلة في حقل الإجرائية النقدية الحداثية التي بوسعها الملامسة والإحاطة بالنسوج الوصفية التي تّميز دروب السرد المبثوثة عبر النصوص الأدبية بما فيها النص القرآني.
غير أن هذه النظرة المتجددة لمفهوم السردانية،(١) نجدها لم تظهر بالعمق المعرفي للتراث الأدبي.
فلقد ظلت -بوصفها مصطلحاً فنياً- رهينة المعاجم العربية، ولم تستطع تجاوز حدود المعطيات اللغوية، المفرداتية والصوتية.