وانطلاقاً من اعتبار الشخصية مرجعاً يضيء جوانب النص الأخرى وهذا تماشياً مع نظرة ليفي شتراوس الذي "يعتبرها كتلة من العناصر المرجعية تحيلنا على خلفيات النص المتعددة"((١)).
فإننا توصلنا إلى كيفية بناء الشخصية من خلال تلك الصفات التي عنها استكشفنا خلفية النص.
وبهذا الأسلوب أيضاً نكون قد استلهمنا ما ذهب إليه تودروف الذي ينظر إلى الشخصيات على أنها "شكل أجوف تملؤه المساندة (predicats) المختلفة كالأفعال والنعوت"((٢)).
وعسى أن تكون هذه النظرية قد أفادتنا من حيث إنها جعلتنا نعاين راهن الشخصية عن قرب ونضعها في إطارها المضموني، كأن ننعتها بالتجبر والتسلط، أو التواضع والتعقل.
وما يمكن ملاحظته أيضاً، هو الاختزال المطّرد في بنية السرد القصصي كبنية لغوية، فيها الجمل قصيرة ومركزة، تفيض بالدلالة، ومع اختزال عبارات قصة الوليد هذه، تتعمق الدلالة القصصية.
ولعلنا في استخدامنا للجداول والأرقام لم نكن ننشد إلا تجلية ما كان خفياً وراء هذه الدلالات القصصية. غير أن "حضورها في النص يتداخل مع الإشارات اللغوية الصوتية، ويجعل الكتابة تمتلك قيماً غير قابلة للانتقال إلى الشفوي"((٣))، الأمر الذي جعل النص القصصي القرآني مخزوناً دلالياً، كل عبارة فيه تفترض أن تحمل دلالات معينة، وكل إيقاع فيه يعكس دلالة النص التي سيق فيها هذا الإيقاع، وكل سرد يتخذ مستوى متميزاً يجسد الصورة التي عليها القصة القرآنية. وكل شخصية فيه نتوقع لها بناءً خاصاً بها يفرضه المضمون الذي يرافقها. وكل هذا التلون يمثل في نهاية الأمر إنتاجاً دلالياً عبقرياً.
خامساً: المكوِّن الزمني:
الزمن أحد العناصر الإجرائية المشكلة للحمة الخطابية في القصة القرآنية، شأنه شأن الحدث واللغة والشخصية والحيز وغيرها من مكوّنات الخطاب السردي، ما ظهر منها وما بطن.
(٢) نفسها.
(٣) خالدة سعيد: مجلة فصول /عدد ٣/١٩٨٤/ ص٣١.