غير أن الزمن –بحكم الموقع المتميز الذي يحتله- في منظومة السردية الجديدة، فإنه يظل ينظر إليه بوصفه الشظية الأولى لتشكيل الغورية النصية.
أما كيف يفهم المتلقي التفعيل الزمني –بالصورة التي خولتها له الكتابة السردية الجديدة- فإن هذا يظل سؤالاً قائماً، إجابته مشروطة بكل تغيير يلحقه مما يقتضي وعياً مغايراً ورؤيا مناسبة للتغيير الذي يلحق الزمن.
إن مثل هذا الوعي يمثل مطمحاً جديداً يسعى إلى الخروج بالزمن من معهوديته العتيقة إلى رحابة دلالية تحيله إلى كون زمني يزخر بالدلالات.
يعتبر الزمن ظاهرة أدبية وفلسفية تتجلى بصورة خاصة في نتاجات أدباء هذا العصر (إبداعاً وتنظيراً) لأن إشكاليته تنبع من داخله، فهو لم يعد ذلك الزمن المحصور في المجالات النحوية المعروفة، بل اغتدى زمناً مطلقاً مفتوحاً مثل الوجود.
إننا لا نستطيع وضع تعريف مقنن من شأنه ضبط ماهية الزمن، ولعل الأمر في غاية اليسر إذا علمنا أن الزمن يخضع للتجريد.
إن هذا المعطى الوجودي الكوني متحسَّس ومستقر –بحضوره الحسي- في الذهنية الإنسانية. على عكس حضوره التجريدي الذي لا يرقى إلى التماثل والظهور إلا في تصورات الفلاسفة ومن ينحى منحاهم، بعيداً عن ذهنية العامة وإسفاف الدهماء.
إن الزمن في استقطاب مستمر لكل مظاهر التفاعلات التي تنشأ عن العلوم الإنسانية. فهو زمن نحوي مرة، وفلسفي أخرى ورياضي ثالثة، وفني رابعة. وهكذا لا يستقر على حال.
ولعل هذا يكون سبباً كافياً في تعقيديته وتشاكله.


الصفحة التالية
Icon