فإذن مفهوم الزمن يبقى غائماً عائماً، مهما بلغ تنظيرنا له، فإننا لن نصل إلى تحديد ماهيته ومعرفة خباياه إلا ما قننه النحويون.
ولعل هذا التوجه في غموض الزمن راجع –كما قلنا- إلى منظومة القرآن النصية، بحيث "أصبح للقرآن زمن نستطيع أن نسميه زمن القرآن زمن الوحي"((١)).
لكن هذا، أدى –فيما بعد- إلى رؤية جديدة لفهومية الزمن، بحيث هذا التنوع والتضاد في الزمن، من شأنه خلق وشائج فنية تكسب التص القرآني خصوبة تجاوزية إثرائية، وتعطيه أسبقية التأسيس، وتضفي عليه أبعاداً زمنية إفضائية، طالما كان يحلم بها الروائيون والقصاصون ليضمنوها إنتاجاتهم المتنوعة، لأن توظيف الزمن يظهر بوضوح في الأعمال السردية "ولاسيما فن الرواية الذي فيه وحده تتجلى روعة الزمان بتقنياته وفلسفته ومفاهيمه المختلفة، بحكم الحادثة الروائية تخضع لمبدأ زماني أصبح معروفاً في نوادي الغرب الأدبية وهو مايعرف بـ(الحكاية المسرودة) أو (الحادثة السردية)"(٢)
أما زمنية قصة الوليد، فنجدها تتخذ صوراً مختلفة تتقاطع فيها بعض أنواع الأزمنة المعروفة وغير المعروفة، الشيء الذي جعل زمنيتها مطلقة هولامية، وهو ما نفصله الآن:
١-الزمن النحوي:
ينبثق الزمن النحوي –في قصة الوليد- من النظرة الاستشرافية التي تعد إحدى غايات هذه القصة.
فبالرّغم من أن أحداث القصة وقعت قبل نزول الآيات –خاصة تلك التي تصف الوليد بالزنيم –إلا أنها صيغت بالفعل المضارع، لأن حظ الاستشراف أو المستقبلية لا يتحقق إلا بمفاعلة المضارع.

(١) عبد الحميد جيدة: الاتجاهات الجديدة في الشعر العربي المعاصر ص٢٦٩.
(٢) - د. عبد الملك مرتاض: الزمان في الألغاز الشعبية الجزائرية في التراث الشعبي – بغداد. ع ٨ ١٩٨٠ ص ٥.


الصفحة التالية
Icon