غير أن الدلالية الزمنية للفعل الماضي لم يعوّل عليها السارد كثيراً، الشيء الذي جعل ظهورها شحيحاً، لأن حظ الاستحضارات الذاكرية الناشئة عن الماضوية كان غائباً أو كاد، ورغم ذلك –وبمقتضى هذا الغياب- نجد النص متنازعاً من زمنيين نحويين طغى أحدهما على الآخر.
أ)الزمن الماضي:
ينحصر في ثلاثة مواطن من القصة
(ضل): من قوله ﴿ إنَّ ربَّكَ هُو أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلهِ ﴾، لأن معاينة الضالين مسألة قضى الله فيها وانتهى أمر حكمها، لذلك جاءت بالصياغة الماضوية.
ويظهر في كلمة (ودوا) من قوله ﴿ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴾، لأن المداهنة إجراء يحضّر بعيداً عن التحيين، ويباشر في راهن تبليغية الدعوة.
ويظهر أخيراً في قوله ﴿ قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلينَ ﴾، لأن الوليد غالباً ما كان يعتمد في دحض عقيدة محمد ﷺ على عقيدة أجداده، الأمر الذي جعل السردية –في هذا المجال- تأخذ وجهة ارتدادية حيث ينشط فعل الاسترجاع وتنساق أطوار الحدثية وفق سردية ماضوية، تحيل زمن الوليد العقائدي إلى زمن منبعث من ماضي أجداده الوثني.
فالملاحظ لزمنية (قال) في مقطع (قَالَ أَسَاطِيرُ الأوّلينَ) يدرك أن في هذا التوظيف تناصاً بين الحاضر والماضي، ذلك أن حاضر الوليد في ظل مواجهة دين محمد ﷺ لدينه يعتبر ميتاً، ثم ينشطه –بالتمسك بوثنيته- ليصبح امتداداً لماضيه الخصيب، الممثل في عقيدة أجداده الوثنية، الحية في شعوره والقابعة في وجدانه.