إن زمنية السرد –في قصة الوليد- تُستقطب من وجهتين: إحداهما ارتدادية ماضوية، وذلك حين يتعلق الأمر بالوليد وقت استحضاراته لماضي عقيدة وثنية عمّرت حيناً من الدهر، وسيلقي محمد بها وراءه ظهرياً. وأخرى منطلقها الراهن ومجراها المستقبل بكليتيه الحاضر والمستشرف، بين الواقع المَعيش حسياً، أيام الدعوة الإسلامية، والواقع الآخر المستقبلي الذي استخدمت فيه الأفعال المضارعة بكثافة.
ب)الزمن الحاضر: (المضارع).
تواتر إحدى عشرة مرة، وهي بالترتيب:
-يسطرون –فستبصر- ويبصرون- أعلم- أعلم- فلا تطع- لوتدهن- فيدهنون- ولا تطع- تتلى- سنسمه.
لعل الملاحظة الأولى التي ينبغي ذكرها، هي أن زمنية المضارع، هي الغالبة، لأن بنية المضارع بنية متحركة ناضجة، فاعلة للأحداث ومفعّلة لها.
وكأن السارد –باعتماده زمنية المضارع النحوية- يشير إلى خلود رسالة محمد وتحطيم لأي مناوئ من شأنه النيل من هذه الرسالة.
فالنهوض على المضارعة دليل خلود الرسالة وبقائها حاضرة حضور المضارع واستمراره. فهو –إذن- زمن حي يسري مع الدهر، خالد، باق ومتجدد، يسبح في العوالم المواكبة لدعوة محمد الرسالاتية.
لكن القصة القرآنية قدمته في احتفائية قرآنية رائعة، لأن تكثيف فعلية المضارع ماهي إلا تنشيط لحركة ذهنية عاطفية، تستمر مع دعوة محمد وتعانقها.
فالقصة –بهذا- تحتفي بالمضمونية ولا تقصي جانب الجمالية فيها، لأن القصة القرآنية- في حركيتها- قصة شرود تسبح عبر الزمن حتى تؤدي غايتها المنوطة بها مستعملة الجمال الفني أداة للتأثير الوجداني.
"إذ إن هذا الجمال يجعل ورودها إلى النفس أيسر ووقوعها في الوجدان أعمق"((١)).
غير أن الملفت للانتباه، هو تلك الطريقة التي ألفيناها –في التوظيف القصصي هنا- تلغي شرعية زمنية وتبقى مكانها زمنية أخرى.