فالملاحظ للفعل المضارع (لوتدهن) يجده قد استخدم على نمط الخطاب المفتوح، لأن السارد في قوله ﴿ وَدُّوا لو تُدهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴾ استعمل المضارع.
ولكن لو كان السارد بشراً لقال: لو داهنت. "فالتعبير بالجملة المستقبلية لم يقصد به الزمان، وإنما أريد به استحضار صورة القوم وما هم عليه بالنسبة له"((١)) كما يرى التبريزي.
وهو موقف يبدو مردوداً، لأن استخدام (لوتدهن) على وتيرة المضارع، ماهو إلا تجسيد لمبدأ المداهنة أو المساومة، التي تواجه كل داعية ينهض في قومه لاستئصال مبدأ وترسيخ لآخر يتبناه ويؤمن به.
ولعل الداعي هنا يكون مطلق الحضور. وهنا يتشاكل مع محمد ﷺ بوصفه داعياً من جهة، وكون رسالته ملزمة التبليغ من جهة أخرى. من هنا يكون كل داعية في مقام الرسول، ويكون فعل المداهنة مستمراً استمرار التبليغ الدعوي.
فإذن علة طروحة المضارع (تدهن) مبررة التوظيف، فهي لا تتماس مع الرسول بوصفه مبعوثاً من الخالق بل، يتعلق الأمر بكل من يجهر بدعوة ويتوق إلى نشرها. فزمنية المضارع زمنية مؤبدة الحضور.
ولقد حرص السارد على ذكر فعل المداهنة، لما له من أهمية في تخليد(٢)مضمون قصة الوليد، ولما يشي به من أحداث مستقبلية تكرس المبدأ الدعوي من جهة وتعري سلوك المداهنة الذي سوف يكون ملازماً لكل من ينشط لمبدأ أو يتحفز لعقيدة ما.
إن فعل (لوتدهن) بقدر ما كان زمناً نحوياً مستقبلياً بقدر ما كان موحياً للدلالة المرافقة لهذا الفعل.
٢-الزمن الثوابي:
(٢) * نقصد هنا قصة الوليد وبالضبط في مجال المداهنة، بحيث سيكون فعل المداهنة متجدداً، خالداً، كلما قام في الناس داعية في أي مجال لينشر مبدأ أو فكرة، فإنه سيلاقي مساومة ومداهنة. أما الخلود القرآني فهو قائم محفوظ ضمن إطارية، (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).