يتجسد هذا الضرب من الزمنية في نماذج عديدة نرصدها في:
﴿ ما أنتَ بِنعْمَةِ ربِّكَ بَمَجْنُونٍ ﴾ – ﴿ وإنَّ لك لأَجْراً غَيرَ مَمْنُونٍ ﴾ – ﴿ وإِنكَ لَعَلَى خُلُقٍ عظِيمٍ ﴾. نجد الزمن في هذه الآيات الثلاث مرتبطاً بزمن الآية المحور ﴿ ن. والقلم ومَا يَسطُرون ﴾ فالدواة والقلم والسطور، كلها أسماء تنبثق عنها صفة زمنية مخالفة لزمنية النحاة المعهودة. لأن الاسم عندهم "ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة"((١)).
فالقلم –في جوهره- عطاء باق، أو هو كل قلم ينهض بفعل الكتابة، فعل التوالد والاستمرار يرتشف حبره من الدواة (ن) ليخطّ ويخطّ عبر الزمن، وهو على هذه الحال يشكل فضاءاً زمنياً رحباً.
نفي الجنون عن الرسول ﷺ نفي مستمر مطلق. فالنفي من حيث هو فعل إلغائي، يعتبر زمناً. ومن حيث هو –لساناتيا- امتداد صوتي ناشئ عن ما، فإنه يجسد استمراراً زمنياً لنفي صفة الجنون الملحقة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ثم إن الأجر المستمر في قوله ﴿ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيرَ مَمْنُونٍ ﴾ في حقيقته زمن. لأننا نتمثل الناس –وبخاصة التابعين منذ العصور الأولى، إلينا، إلى ما بعدنا –في صلواتهم، يصلون على النبي. وهذا الأجر يعتبر ثواباً من وجهة، وكونه خالداً باقياً يعتبر زمناً من وجهة أخراة.
أما خلقه ﷺ فهو ناشئ عن اعتراف سماوي بأدبية خلق الرسول صلى الله عليه وسلم. فهو –دائماً وأبداً- سيكون على خلق عظيم. وهو –بهذه الديمومة- زمن.
٣-الزمن العقابي:
يتجسد هذا النوع من الزمن في قوله تعالى ﴿ سَنَسِمُهُ عَلَى الخُرطُومِ ﴾.
إذا أخذناه من حيث سياقه النحوي. فهو زمن تقليدي، لأن الوسم وقع على الوليد في غزوة بدر.