فهو رجل قصير القامة، ضخم الوجه، غليظ جاف، عتل، منتفخ البطن، كذاب، حقير، ذميم، ثرثار، كثير الحلف، نمام، باث للشرور. يمثل الرذيلة بكل أبعادها، وفوق كل هذا لقيط. ثم ثقيل في مشيته ثقل كلمة (عتل)، يتنقل بين الناس، ينشر السوء ويزرع الفتن ما ظهر منها وما بطن. ثم إلى مجلس آخر يلطّخه بلسانه ولمزته وهمزته وهكذا.
ولعل المجسد لهذا كله، هو تلك الشدّات المتواليات والتي تظهر على سطح صيغ المبالغة في (حلاّف همّاز مشّاء منّاع عتلّ) كلها عرض تقديمي، يعكس صورة هذا الرجل الثقيلة السمجة، الأمر الذي يجعلنا نرسمها في لهفة، ولو كنا نجهل أوليات الرسم لتحال في نهاية الأمر إلى صورة هزلية ساخرة.
٢-الصورة الثانية:
إنها أشنع من الصورة الأولى التي رأيناها، والتي نالت من الرجل في جسمه وسلوكه وعرضه.
غير أن هذه الصورة تنحصر في حيز ضيق من جسم الرجل. إنها أنفه.
هذا الرجل، -زيادة على الصفات التي عرّفنا بها القرآن- فقد رزق أنفاً ليس كالأنوف، هو في البصرة، والأنف في البيت يطوف، على حد تعبير ابن الرومي. إنه أنف ضخم يتوسّط جسمه، يفزع قبل أن يفزع صاحبه.
هذا الأنف "الخرطوم" يكوى زيادة في التنكيل والتحقير والإذمام.
وبالتكامل الفني بين الصورتين، يكون الرجل ماثلاً أمامنا في هيئة صورة كاريكاتورية ساخرة.
إنها صورة تقاطعت مع صورة القردة والخنازير، مما يثير فينا غريزة الضحك لدرجة أننا نرفع يدنا لنضعها على فمنا، محاولين منع عقيرتنا من الانفجار ضحكاً مما آل إليه الوليد. وهنا "تكشّر اللغة السردية عن نواجذها لتهاجم وتصادم عن طريق السخرية العارمة"((١)) شخصية الوليد الذي تصفها بكل الأوصاف الكاريكاتورية الدالة على جبروته وبطشه.