فإذن وبهذه السلسلة الساخرة –والتي تنبع من الصورتين معاً- تكتمل حلقات التداخل والتواشج والتشابك التي شكلت حركات الآيات جميعها في قصة الوليد هذه، من بدايتها إلى نهايتها.
فصورة الوليد الساخرة وأفعاله الدنيئة وصفاته الذميمة. والصورة التي عليها اللغة التي تمثلت هذه الصفات، من شدات، ومدود، وصيغ مبالغة، وجمل قصيرة. كل هذا بث حركة دائبة سرت عبر سطح النص. وكذلك البداية والنهاية التي رافقت الشخصيتين (الأساس). بحيث البداية من جهة الرسول، كانت فشلاً وإحباطاً وتأثراً، غير أن النهاية كانت انتصاراً وفوزاً عظيماً.
أما البداية من جهة الوليد، فكانت تعنتاً وتجبراً وتسلطاً. غير أن النهاية كانت انهزاماً وخذلاناً مبيناً.
وعبر تكامل هذه الثنائيات التي شكلت هذا النص، تنتظم، بنية الآيات وفق حصيلة حركتين جوهريتين.
-الحركة الأولى: حركة التكامل بين (صورة الوليد الأولى والثانية) والتناغم الذي تشي به الجمل القصار ذات الإيقاع المتنوع، بين المديد النوني المرفوع والمديد النوني المسكور إضافة إلى فونيم (يم +وم) والتي رافقت أوصاف الوليد.
-الحركة الثانية: حركة التنامي التي ابتدأت بأدوات القسم، مروراً بجوابها المشكّل من النفي ب (ما)، وأداتي التوكيد ب (إن)، واللامين المزحلقين (لأجرا) (لعلى).
بحيث تنامت الحركة بطريقة تصاعدية نازعت الرسول مرتين. مرة حين كانت النفس مهزوزة والعزيمة مثبطة. وأخرى حين أصبحت مرفوعة مكرّمة.