إن السرد القرآني نتمثله عدة إجرائية، تعمل على تحديد أوجه الخطاب القرآني في معطياته السردية المختلفة(١).
إن هذا التنوع في خطابية النص القرآني يفضي بالضرورة إلى تنوع في سرديته، ونحن إذ نعدد الأنماط السردية إنما "نقرر ظاهرة أسلوبية بارزة نؤديها بالدليل وندعمها بالشاهد مؤكدين أن القرآن نسيج واحد في بلاغته، وسحر بيانه. إلا أنه متنوع تنوع موسيقى الوجود في أنغامه وألحانه"((٢)).
ولعل التنوع السردي المتشاكل مع الخطابية القرآنية، هو ما أحصاه الدكتور عبد الملك مرتاض –وهو يعالج نصاً شعرياً- في أربعة أضرب:
"١-خطاب مغلق، وقصة مغلقة. ٢-خطاب مغلق، وقصة مفتوحة.
٣-خطاب مفتوح، وقصة مغلقة. ٤-خطاب مفتوح، وقصة مفتوحة"((٣)).
وإذا كانت هذه التصانيف –في صميم جوهرها- تعبّر عن زخم سردي جمالي وفني يزخر به النص الأدبي الوضعي، فإن المتن القرآني، قد بدت تجليات الأنواع السردية فيه واضحة، وتمايزت بتمايز مضامينها، بل لقد عدّد من أنماطها.
غير أنه لا يمكن استجلاؤها إلا بالنظرة الواعية الرشيدة، التي تنهض على الذائقة الجمالية.
وفي هذا السياق يقول الزركشي "اعلم أن معرفة الفصيح والأفصح، والرشيق والأرشق، والجلي والأجلى، والعلي والأعلى من الكلام، أمر لا يدرك إلا بالذوق ولا يمكن إقامة الدلالة المنطقية عليه"((٤)).
أولاً: السرد الإيقاعي:
(٢) صبحي الصالح: مباحث في علوم القرآن، ص٣٨٥.
(٣) د. عبد الملك مرتاض: دراسة سيميائية تفكيكية لقصيدة "أين ليلاي" لمحمد العيد آل خليفة ص٥٥.
(٤) الزركشي: البرهان في علوم القرآن –ج٢- ص١٢٤.