والرجوم جمع رجم، وهو مصدر سمي بما يُرجم به "ومعنى كونها مراجم للشياطين، أن الشهب التي تنقضّ لرمي المسترقة منهم، منفصلة من نار الكواكب، لا أنهم يرجمون بالكواكب أنفسها، لأنها قارة في الفلك على حالها وما ذلك إلا قبس يؤخذ من نار، والنار ثابتة كاملة لا تنقص"((١)).
إذن هذا المقطع ذو ثنائية شكلاً ومضموناً. فالشكل يتضح في رؤية الشهب وهي تسقط ليلاً. أفلا ترى مائلة؟
ويمكن توضيح ذلك بنقطتي (أ، ب).
أ السماء
............... ب الأرض
وأما المضمون فيتضح حين جعله الله قسماً. فهو بهذه الصفة مال إلى مخلوق خلقه، وهو النجم. ونقطة التلاقي والاشتراك هي الميل.
ونحن إذ نستكشف ظاهرة الميل كخاصية مضمونية، فإننا نؤكد أننا في تخريجنا هذا، نعتمد على درجة التلقي التي ينبغي أن تعكس قدرة القارئ وتفاعله تجاه النص القرآني –في كل طروحاته- ومن ثم تحدد نسبة وعيه، وتميز حدود تقبله لجمالية ما، مما يعرضه النص. ولذلك فإن "ما يميز التنافر من التوافق ليس ازدياد درجة الجمال أو نقصها، وإنما ازدياد درجة القابلية للفهم أو نقصها"((٢)).
ب-المقطع الثاني: ﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَما غَوَى ﴾.
الضلال والغي: عكس الهدى والرشاد. وهما مظهران يحيلان إلى الزيغ والانحراف. فالرسول ﷺ نعت بهما، الأمر الذي جعل السارد (الإله) يستعمل أسلوب النفي ليرفع عنه هذه النعوت. وعسى أن يكون هذا واضحاً على صعيد المحتوى.
أما على مستوى الشكل فإنهما يصنعان ميلاً نستشعره في أذهاننا ويرتبط بمضمون كلمتي (ضل) (غوى) وبخاصة في الألف المقصورة.
ويمكن الاستعانة بهذا الرسم، لتوضيح المطلوب.
أ الرسول ضال من منظورهم
............... ب الغواية والضلال
ج-المقطع الثالث ﴿ وَمَا ينطِقُ عَنِ الهَوَى ﴾

(١) الزمخشري: الكشاف –ج٤، ص١٢٢.
(٢) جوليوس بروتنوي: الفيلسوف وفن الموسيقى –ترجمة فؤاد زكريا /الهيئة المصرية للكتاب، ص٢٩٦.


الصفحة التالية
Icon