لقد كانت الشخصية تتمتع بحضور متميز داخل الأعمال السردية التقليدية، بحيث كانت نقطة ارتكاز، تتقاطع فيها كلّ مكونات الخطاب الروائي، الأمر الذي جعل بعض النقاد يؤيد الفكرة القائلة "القصة فن الشخصية(١) ويقصد بها ذلك العمل الأدبي الذي يبدع شخصيات كاملة، أو بتعبير نقدي: شخصيات مقنعة فنيّاً.
إن كُتَّابَ القصة والرواية كانوا يستجمعون كل طاقاتهم من أجل رسم شخصية، من شأنها استقطاب القارئ. غير أنهم لم يكونوا يخفون بعض جوانبها، بل كانوا يقدمونها جاهزةً في الطرد.
إن اسمها يبدو متميزاً مثيراً، يعبر عن مضمون القصة لمجرد قراءته. وملامحها الجسدية والنفسية واضحة. كما يكون مركزها الاجتماعي بارزاً في العمل الأدبي.
وترى الكاتب يعمل على عدم تجريد الشخصية من أبعادها الإنسانية بحيث تغتدي خارقة تتجاوز الواقع الإنساني أو تنفصل عنه، بل يعمل على تقديمها كأنها شخصية نراها في الواقع متمتعة بصفة الحضور.
ولعل هذا ما يكون انعكاساً لصورة المجتمع في توجهات أفراده المحكومين بنظام اجتماعي صارم مبني على أسس ثابتة.
إن هذه الصورة الثابتة للمجتمع جعلت القاص أو الناثر يقدم حقائق ثابتة مطابقة للواقع من خلال نمطية سردية متسلسلة لها بداية ووسط ونهاية، الشيء الذي ما فتئ يتيح للمبدع تصنيف شخصياته وفق ثبات القيم وتجذر الحقائق.