وإذن، فيجب العودة إلى هذه المرجعية المقدسة وتقديمها على أساس أنها باعثة تنهض على وتيرة استدعائية من شأنها إخراج هذا المعطى الإلهي من التفعيل السطحي والمقاربات البسيطة التي ظل مسرحاً لها ردحاً من الزمن، إلى فضاءات أرحب تعامله بوصفه خطاباً مفتوحاً على التوالد ينبغي استدعاؤه بما هو متصور ذهني- محكوم بضوابط إيمانية وأخلاقية- لا يقع في حدود الجاهز والقبلي.
إننا نعتقد أن الدراسات التي أقيمت من حول هذا المعطى الجمالي المجسد في المتن القرآني- والتي كان وراءها أعلام اشتهرت بمؤلفاتها في إعجاز القرآن- لم تتجاوز حدود الاستحضارات البلاغية من بيان وبديع، الشيء الذي جعل نظرة أغلبهم مجرد رؤية تأملية حققت في مجملها آية (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) ولم تتجاوز مبدأ الانبهارية والإعجاب.
ونحن نتصور أن مثل هذه الرؤى، لم يستطع أصحابها تجاوز حدود المرجعية التراثية التي تقوم على أساس الاحتفائية القرآنية التي ناشدها كل من تمرس على الشاهد القرآني (قراءة وتنظيراً).
من هنا كان لزاماً أن نبحث عن وسائل جديدة من شأنها تحسس الخطاب القرآني واستجلاء مكنوناته النصية. من هذا المنظور تأتي فصول هذا الكتاب لتباشر تجربة علها تكون جديدة بحكم اتصالها بالمتن القرآني من جهة وما تتسم من قدرة في كونها تقود النص إلى أنظمة التفكير التأويلي بعيداً عن الممارسات المسطحة التي تسلطت على هذا النص فتركته خاماً موصداً، من جهة أخرى.
والواقع أن مثل هذا التصور يحتاج إلى وعي نقدي ورؤيوي يلغي مبدأ التلقي ويطرح مبدأ المساءلة.