وفي هذا السياق يشير الدكتور عبد الملك مرتاض بقوله: "الشخصية هذا العالم الذي يتمحور حوله كل الوظائف والهواجس والعواطف والميول، فهي مصدر إفراز الشّر في السلوك الدرامي داخل عمل قصصي ما، فهي –بهذا المفهوم- فعل أو حدث، وهي في الوقت ذاته تتعرض لإفراز هذا الشر أو ذلك الخير، وهي-بهذا المفهوم- وظيفة أو موضوع، ثم إنها هي التي تسرد لغيرها، أو يقع عليها سرد غيرها. وهي -بهذا المفهوم- أداة وصف"(١).
والواقع أن التساؤل الذي طرحناه، هو الذي يحدد مسار بحثنا في استجلاء آفاق جديدة من عالم القصة القرآنية وتقنياتها التي تتلاقى وتتلاقح- في معظمها- مع السردية الحداثية التي يكرّسها النقد الأدبي الحديث والمعاصر.
لم يرد مصطلح الشخصية في القرآن وإنما ورد بألفاظ: المرء، الرجل، الإنسان، الرسول، ونحو ذلك. بل لم ترد مادة (ش. خ. ص) إلا في موطنين:
الأول في قوله تعالى ﴿ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾ (٢)، والثاني في قوله ﴿ وَاقْتَرَبَ الوَعْدُ الحقُّ، فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الذِينَ كَفَرُوا ﴾ (٣).
(٢) سورة إبراهيم الآية ٤٢.
(٣) سورة الأنبياء الآية ٩٧.