وهذا التوجه الجديد في مسار الحركة النقدية لا يمنع توظيفه التوظيف الواعي الرشيد، في مجال القصة القرآنية، خصوصاً إذا علمنا أن استخدامها يمكننا من تحقيق بعض النتائج الفنية(١).
لأجل ذلك سارعنا- وبدون تردد- إلى استلهام تلك التفاعلات النقدية التي غيّرت صورة التعامل النقدي التقليدي.
وفي هذا الشأن يمكن إدراج كتاب فلادمير بروب حول وظائف الحكاية الخرافية، حيث كان له "الأثر الكبير في تحليل السرد الروائي والقصصي، بحيث اختلفت المدارس النقدية، وذلك بحسب تباين وجهات نظرهم، وتصوراتهم حول البنى السردية وكيفية التحكم في آليات السرد ونظام العلاقات التي تسيره ويعود الفضل-حول هذا الاختلاف- إلى ظهور المناهج السيميائية واللسانية والبيانية"(٢).
أما ما يتعلق بالسرد وبناء الشخصية في القص القرآني، فإننا لا نتحدث عنه من منظور المعجمية لأن ذلك تمت الإشارة إليه سابقاً.
إننا حين نتحدث عن السرد بمعزل عن الشخصية يكون بمعنى التتابع والموالاة، أما حين نتحدث عنه في تداخل مع الشخصية فإنه يكون بمعنى التعدية والتجاوز ويغتدي مركباً، لأنه يحمل معنى في نفسه ومعنى آخر مع الشخصية التي يحرّكها هو، وإن كان "السرد في مفهوم كثير من الذهنيات المثقفة لدينا، هو ما خالف الحوار في عمل قصصي ما"(٣) وهي النظرة التي لا تستقيم مع السرد القرآني الذي ينهض في أكثره على الحوار.
(٢) يومية الجمهورية: ٦/١٠/٩٣.
(٣) عبد الملك مرتاض: -ألف ليلة وليلة دراسة سيميائية تفكيكية لحكاية حمال بغداد/ د. م. ج ١٩٩٣ ص٨٣.