وبمقتضى ذلك فإنه يمثل سلسلة من الزخارف التعبيرية التي يجب أن تدرك، كما يفتح نفسه على القارئ، لأنه مطالب بتحيينه وتحقيق فعله، ومن خلال ذلك تأتي القراءة لمحاولة استجلاب أسراره وفق تصوراته الاحتمالية التي يعرضها على السطح من خلال البنية اللغوية طوراً، ومن خلال الإجرائية المضمونية طوراً آخر.
ولعل هذا التعقيد في مواجهة النص الأدبي، يعود إلى طبيعة النص نفسه، في كونه يتميّز عن الأنماط التعبيرية الأخرى بتعقده الكبير، لأنه نسيج من المسكوت عنه (Non تعالىit) الذي يعني "عدم الظهور على السطح، على مستوى العبارة، ولكن هذا المسكوت عنه، هو الذي يجب تحقيقه على مستوى تحقّق المضمون بالضبط، وهكذا فإن النص هو الأكثر تمظهراً من كل رسالة أخرى لأنه يتطلّب حركات متآزرة حيّة وواعية من طرف القارئ"(١).
ولما كان هذا حال النص الأدبي، فلا مناص من القراءة التأويلية الواعية، التي هي مظهر سيميائي، يحاول فك رموز الخطاب، وهدم الجدارية المعيارية الثابتة، دون أن يبقى رهين التلقي الجاهز.
إن نزوعنا إلى مبدأ التأويلية الذي ينهض على أدوات إجرائية تستند إلى رصيد معرفي وخبرات قرائية متنوعة، تفسره تلك العطاءات النصّية، وذلك الفيض الدلالي الذي يتميز به النص القرآني، الأمر الذي جعلنا نتعامل معه بوصفه متصوراً ذهنياً غائباً، وليس معنى جاهزاً.
إننا بعملنا هذا، نسعى إلى إثارة التساؤلات والافتراضات، وفق مبدأ التأويل الذي هو ـ في جوهره ـ مشروع القراءة السيميائية الذي نتوخاه..
ولعل التأويلية ـ بوصفها مؤشراً إجرائياً ـ تكون ذات مرجعية إعلائية

(١) إمبرطو إيكو: القارئ النموذجي ـ ترجمة: أحمد بو حسن ـ مجلة آفاق / اتحاد كتاب المغرب / العدد ٨-٩ /١٩٨٨ ص ١٤٠.


الصفحة التالية
Icon