قال تعالى: ﴿ ن، واَلْقَلَمُ وَمَا يَسْطُرونَ، مَا أَنْتَ بِنْعمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ، وَإنَّ لَكَ لأجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ، وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ، فَسَتُبْصِرُ ويُبْصِرونَ، بِأَيِّكُم الْمَفْتُونُ، إنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بالمُهتدَينَ، فَلاَ تُطِعِ المكذّبِينَ، وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ، ولا تُطِعْ كُلَّ حَلاَفٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيَرِ مُعْتَدٍ أَثِيْمٍ عُتُلِّ بَعْدَ ذلكِ زَنِيمٍ. أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ، إِذَا تُتْلَى عليهِ آياتُنا. قَالَ أَسَاطِيرُ الأولِينَ، سَنَسِمُهُ عَلَى الخُرْطُومِ ﴾ (١).
لقد وقع اختياري على قصة الوليد بن المغيرة من خلال سورة القلم، لما يتميز به نصها القصصي من خصوصيات فنية، لعل من بينها:
ـ كون هذه القصة تلغي المرصود التشكيلي الذي يميز الأعمال القصصية، فهي لا تعترف بالحبكة في البناء، ولا بالأزمنة النحوية، ولا بالشخصية التقليدية، فكأنها تدمير لقواعد السرد المعروفة وتكسير للرتابة
الفنية...
ـ تظهر فيها مستويات سردية، نفترض أنها جديدة، وأخرى تتشاكل مع بعض ما سنذكره في الفصل الثالث القادم.
ـ كونها تنهض على مبدأ الاختزالية المضمونية، وبخاصة في مجال تحديد الصراع القائم بين عقيدة محكومة بأبوة الماضي وعقيدة يحكمها مبدأ التوقيف...
وفي ضوء هذه الافتراضات وجدنا أن الرؤية النقدية التي يمكن أن تنسحب على هذه القصة هي تلك التي تكرس مبدأ التداولية وتلغي المعهودية لأن "النص الأدبي عالم جوهري يحمل كل خصائص الجوهر بما فيه من شرعية وانية وأصالة وخلود... لا يختلف من زمن لزمن... وإنما الذي يختلف هو الدراسة التي تقام حوله، ثم الأشخاص الذين يتناولونه، أما هو فهو هو"(٢).

(١) الآيات ١-١٦ سورة القلم.
(٢) د. عبد الملك مرتاض: النص الأدبي من أين؟ وإلى أين؟... ص ٥٣.


الصفحة التالية
Icon