وعلى مستوى التنظير الغربي يعرفه ريتشارد بقوله: "إنه هذا النسيج من التوقيعات والإشباعات والاختلافات والمفاجآت التي يحدثها تتابع المقاطع"(١).
واستناداً إلى هذا الأفق النظري لمصطلح الإيقاع الذي تتقاسمه المفهوماتية والأدبية، فإننا نلامس صعوبة في استكناه مظاهره بصورة دقيقة.
وفي هذا الشأن يشير عز الدين إسماعيل بقوله: "والواقع أنه ربما كان من السهل دراسة الإيقاع في الموسيقى، وكشف هذه القوانين بسهولة فيها، لأنها فن زماني تتضح فيه الصورة الأولى ولا تختلط بشيء... أما فن القول فإن استكشاف هذه القوانين أمر من الصعوبة بمكان."(٢).
غير أن الدكتور مرتاض يستجلي صعوبة أخرى، حين يربط الإيقاع بالأداء مما تولدت لديه رؤية جديدة لإشكالية الإيقاع كمعلم فني يلزم النصوص الأدبية. فيرى الإيقاع "يختلف بحسب إيقاع الوحدة الشعرية في حد ذاتها ثم بحسب أداء هذا الإيقاع أي كيفية قراءة النص"(٣).
إننا بتتبعنا لإشكالية الإيقاع من حيث هو مصطلح، ثم من حيث هو أداة إجرائية ترمي إلى تفجير النص من الداخل وربطه بالمحتوى الدلالي الذي يشيعه، نسعى للإشارة إلى تفعيل السؤال بغية استكشاف الظاهرة الإيقاعية..
وبهذا نكون قد اقتربنا من الإيقاع الفني الذي نستشرفه، فيغدو النص الإيقاعي ـ بمقتضى ذلك ـ خطوة تواصلية جديدة في حقل السيميائية..
وبهذه الصفة أيضاً، يتحول مفهوم (الإيقاع) إلى مدخل تأملي يتخذ من النصية اللغوية ميداناً لإنتاج الدلالة وتوليد المعنى.
(٢) د. عز الدين إسماعيل: الأسس الجمالية في النقد العربي ـ ط٢ ـ دار الفكر العربي ١٩٦٨ ـ ص ٢٢١.
(٣) ينظر د. عبد الملك مرتاض : دراسة سيميائية تفكيكية لقصيدة (أين ليلاي؟) ص ١٤٨.