ن = في شكلها دواة ـ ويكون الحبر بداخلها قارا ثابتاً ـ يقابلها، نفي الجنون عن الرسول ﷺ الأمر الذي يلغي صفة الجنون ويثبت صفة التعقل، مما يدل على أن الرسول ﷺ عاقل ثابت رزين هادئ هدوء وتحجر الحبر داخل الدواة. فهناك ـ إذن ـ تقابل..
فانسجام الصوت "ن" مع المعنى المشار إليه، مظهر من مظاهر التشاكل الإيقاعي الذي يفضي إلى تفجير الدلالة المبثوثة داخل المكوّن الإيقاعي هذا..
القلم = الكلمة ـ هنا ـ تحمل معنى الإقرار، الكتابة، الاعتراف، الإشهاد. يقابلها: إثبات الأجر للرسول صلى الله عليه وسلم. وهنا يمكننا طرح السؤال الآتي: أليس القلم اعترافاً باستمرار الأجر غير الممنون للرسول صلى الله عليه وسلم؟.. ولعل الإجابة تكون بالإنعام حتماً...
يسطرون = السطر يعني الخط المستقيم. يقابله خلق الرسول صلى الله عليه وسلم. أليس الخط في شكله المستقيم تجسيداً لاستقامة خلقه صلى الله عليه وسلم؟
غير أن التشاكل ـ بمفهومه السيميائي ـ نجده قد لامس الإيقاع والمعنى معاً، الأمر الذي جعل المعنى متّحداً مع الصوت اتحاداً لا نظير له.
ولعل هذا يكون قد حصل بـ"وجود ارتباط لحمي عميق بين البنية الصوتية للكلمة وبين النبر الواقع عليها، ثم بين النبر وبين معنى الكلمة"(١) الشيء الذي جعل هذا النص القصصي ـ الذي تجسده الآيات الأربع ـ في صورته الإبداعية الشمولية تتفاعل فيه المكونات الصوتية والمكونات الدلالية والمكونات الإيقاعية تفاعلاً، يجعل الرؤية الكشفية كثيفة.

(١) د. كمال أبو ديب : في البنية الإيقاعية للشعر العربي ـ دار العلم للملايين ـ ط٢ ـ ١٩٨١ ـ ص ٢٩٥.


الصفحة التالية
Icon