وهو أنه في دعوته وجد صدوداً من قبل قومه وعلى رأسهم الوليد، مما ثبّط من عزيمته فأصيب بنكسة تبليغية، بحيث وجد أمامه جداراً يحجب عنه تواصلية الخطاب، ويمدّد الهوة بينه وبين متلقيه..
ولما كان هذا حاله، لزم الأمر تقوية الكلام من أجل تقوية النبي وتثبيته، ذلك أنه "إذا كان الكلام مع المنكِر كانت الحاجة إلى التأكيد أشد"(١) لذلك عدد أدوات القسم وعدد جواباتها، ونوع من أساليب التوكيد بالتركيز على حرف (إن) في موطنين:
﴿ وَإنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ، وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ، ﴾
لما له من تأثير مباشر في رفع معنويات الرسول ﷺ الهابطة. ذلك أن "إن" لا تستخدم إلا إذا كان للمتلقي "ظن في الخلاف...
ولذلك تراها تزداد حسناً إذا كان الخبر بأمر يبعد مثله في الظن"(٢) وعن طريق التوكيد، رفعت معنوياته، وشُحن شحناً مكّنه من القدرة على المجابهة، ومواصلة التبليغية القرآنية.
٢ ـ الفئة الثانية :(ين):
وهي فونيمات: بالمهتدين ـ المكذبين ـ مهين ـ بنين ـ الأولين.
تواترت خمس مرات. غير أن الملاحظة التي ينبغي ذكرها، هي أن تغيّر البِنية الإيقاعية مرتبط بتغيّر المضامين التي تتجدد عبر السياق النصي، الأمر الذي يحيلنا إلى بنية إيقاعية معقدة.
٣ ـ الفئة الثالثة: (يم):
وهي فونيمات ـ عظيم ـ نميم ـ أثيم ـ زنيم.
تواترت أربع مرات.
وهي ترتبط ارتباطاً عضوياً بالمضمون، إنها مزاوجة تامة بينهما، لأن الإيقاع "هو إيقاع للنشاط النفسي الذي من خلاله ندرك ليس فقط صوت الكلمات، بل مافيها من معنى وشعور"(٣).
(٢) عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز ـ مطبعة السعادة الخانجي ـ ص ٣١١.
(٣) د. عبد الحميد جيدة: الاتجاهات الجديدة في الشعر العربي المعاصر ص ٣٥٦.