بعد هذا تأتي قصة الوليد بن المغيرة من خلال مقاطع سورة القلم الأولى نموذجاً. وفيه قمنا بإحصاء بعض مكونات السرد الأساسية- وإن كان بعضها ظاهراً لا يخفى على كل من علق بشذى من هذه الإجرائية الفنية وسدى منها شيئاً يسيراً- فكان أن باشرنا المكون الإيقاعي الذي خرج عن معهودية الإيقاع المرتبط بقواعد الوزن العتيق، إلى مستوى إيقاعي مغاير، ثم حديث عن تشاكل الإيقاع وتباينه وكذا تشاكل المعنى، ثم فصلنا الفونيمات في فئات مخصوصة، وربطنا ذلك بالسرد، فكان التأثير الإيقاعي في توجيه السرد واضحاً. أيضاً بينا العلاقة بين الإيقاع والمضمون المحكومة بمهارة وتجويد فنيين. ثم أومأنا إلى المكون السردي الذي أسميناه بالسرد الإضماري المشحون بأحداث صمت عنها المتن القرآني والتفتت إليها الشعرية في الأدب الحديث. وأشرنا إلى علة الإضمارية الفنية والبلاغية.
أما السرد الساخر فاعتبرناه مكوناً إجرائياً ركزنا فيه على بعض المواصفات التي وظفت بغرض تعرية الشخصية المقصودة، فكانت جوانب التعرية ناهضة على التداعيات اللفظية تارة، وعلى التصريح تارة. ثم حديث عن المكون الشخصاني حيث ركزنا على شخصيتين اثنتين كونتا النص السردي وهما. الرسول والوليد فكان المدخل للأول والمخرج للثاني. ثم انتهينا إلى خصيصة الهدم والبناء المسلطة على الشخصيتين. أما المكون الزماني فحاولنا أن ننظر له من وجهات نظر مختلفة، بين الأدبية والفلسفية والدينية وحتى الشعرية، وربطنا ذلك بالزمنية القرآنية وانتهينا إلى زمنية جديدة جديرة بالنظر، بما تطرحه من رؤية حداثية للزمن.
كما قدمنا آراء الفلاسفة الماديين والمثاليين، وخلال المكون هذا صنفنا زمنية قصة الوليد، فكانت نحوية تقليدية وزمنية أخرى اصطلحنا على تسميتها بالزمن الثوابي، والزمن العقابي، والزمن الساخر.
ثم ختمنا الفصل بقراءة في تقنية التصوير التي يكاد ينفرد بها النص القرآني وحده.