يتّجه أحياناً السرد القرآني ـ في تقنية الإيعاز ـ إلى حذف جزء معين من النص، لينصَّب الاهتمام للشيء المذكور حيث يكون "ترك الذكر أفصح من الذكر، والصمت عن الفائدة أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا ما لم تنطق وأتم ما تكون بياناً إذا لم تبن"(١)..
ولعل الإضمارية التي نحصيها نحن، هي ما يسميها بعضهم بمفهوم الاختزال لأن "الاختزال في أساليب القصة، هي نحو من البناء السردي الذي يفجر الإمتاع الذهني عند المتلقي، بنحو بالغ المدى. إنه يجعل المتلقي مسهماً في الكشف الفني مفجّراً تنقلاته الفكرية هنا وهناك مثرياً الذهن يربط شذرات الأحداث واللين لتداعياتهما"(٢).
ب)ـ موطن القصدية الاسمية: يظهر في الجزء المتعلق بشخصية الوليد، وبالضبط من قوله تعالى: «وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَفٍ... ».
إنَّ السردية هنا تعرضت لفعل الشخصية، ولم تحفل باسمها الأمر الذي مكنها أن تخرج عن الاحتفائية المألوفة في نمطية القص التراثي..
إن عدم ذكر اسم الشخصية هو بقصد إيجاد شراكة حقيقية بين النص والقارئ..
وعسى أن يكون هذا، ما جعل السردية القرآنية، تعمد إلى هذا البتر الفني، الشيء الذي جعل الميثاق السردي ـ الذي يربط النص بالقارئ ـ باقياً، مما يستلزم وجود علاقة بين النص والقارئ، بحيث يجعله يحس بمكانيته في النص.

(١) عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز، تحقيق وشرح: محمد عبد المنعم خفجي، ـ مطبعة الفجالة الجديدة ـ القاهرة ـ ط١ ـ ١٩٦٩ ـ ص ١٧٠.
(٢) الكلاعي : أحكام صنعة الكلام ـ تحقيق محمد رضوان الداية ـ دار الثقافة ـ بيروت ـ ١٩٦٦ ـ ص ٩٠.


الصفحة التالية
Icon