إن هذا التصنيف أصبح ضرباً من السخرية وجنساً من العبث: "والحق أنه من العسير تصنيف الشخصيات في أي عمل من الأعمال السردية إلى مركزية وثانوية وغير ذات شأن إطلاقاً، كما هو متعارف في النص السردي بمجرد المتابعة التي تقوم على الملاحظة(١)".. وعلى هذا فكثيراً ما نجد شخصية واحدة تتقاطع فيها كل المسميات فهي ثانوية في هذا الحدث ورئيسية في ذاك وأخرى في الثالث. وهذا في عمل قصصي واحد. الأمر الذي جعلنا نلغي هذه المسميات ونقصيها من بحثنا هذا...
غير أننا حين لجأنا إلى علم السيميولوجيا الذي هو: "علم موضوعه أنظمة العلامات أو الرموز التي بفضلها يتواصل البشر فيما بينهم"(٢).. اكتشفنا طريقة جديدة في بناء الشخصية القرآنية، هي قريبة في تشاكلها مع ما تتميز به السردية الجديدة. وغايتنا هنا ليس إثبات حداثة النص القصصي القرآني، وإنما لنضعه في المكان العلمي الذي ينبغي أن يتموضعه.
إن هذه الطريقة تنهض على اللغة، إذ تجعل الألفاظ ذات مقصدية إفهامية من شأنها أن تحيل إلى خصيصة البناء الجوهري.
وكل عمل يجعل اللفظة مرتكزاً إبداعياً له، نفترض أنه يلجأ إلى السيميائية أو البنيوية التي تعوِّل على اللفظ بوصفه دالاً، الشيء الذي يجعل الدراسة متماسة مع السيميولوجيا. لأن "علم النفس والبنيوية وبعض المحاولات الجديدة للنقد الأدبي، كلها تدرس الواقعة بوصفها دالة، وافتراض الدلالة يعني اللجوء إلى علم السيميولوجيا"(٣).

(١) د. عبد الملك مرتاض : ألف ليلة وليلة.... ص ٥٧.
(٢) د. محمد السرغيني: محاضرات في السيميولوجيا ـ دار الثقافة للنشر والتوزيع ـ الدار البيضاء ـ المغرب ـ ط١ ـ ١٩٨٧ ـ ص ١٥.
(٣) Roland رضي الله عنarthes: ﷺ lements de Semiologie. تعالىENOEL/ Gonthier. Paris ١٩٦٥ P ٨١.


الصفحة التالية
Icon