"والشاعر هو الذي يعبّر عن النفوس الإنسانية فإذا كان القائل لا يصف حياته وطبيعته في قوله فهو بالعجز عن وصف حياة الآخرين وطبائعهم أولى وهو إذاً ليس بالشاعر الذي يستحق أن يتلقى منه الناس رسالة حياة وصورة ضمير"(١)[٢٣]).
وقد ذكر صاحب العمدة من قبل ضرورة معرفة علم مقاصد القول واختيار الأسلوب المناسب للموقف المناسب، وأن يعرف أغراض المخاطب كائناً من كان حتى يدخل إليه من بابه ويداخله في ثيابه...... (٢)[٢٤])
إلا أنه ينبغي الإشارة هنا إلى ما ذكره صاحب الوساطة بين المتنبي وخصومه من أن بعض الشعر يأتي رقيقًا سهلاً وبعضه يكون عكس ذلك، ويرجع ذلك إلى طبع القائل وما جُبل عليه...... (٣)[٢٥]) فإذا كان ذلك يعود إلى طبع القائل وروحه فكيف به إذا صادف مخاطباً مخالفاً له في الطبع والجبلة؟!
لا شك أن كلامه سيكون غير واقع من نفس مخاطبه موقعاً حسناً وبالتالي فلن يُحمد قوله ولن يكون مطابقاً لمقتضى الحال.

(١) ٢٣]) شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي، عباس محمود العقاد، ص١٣٣، ط(٣)، سنة ١٩٦٥م، مكتبة النهضة المصرية.
(٢) ٢٤]) العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، ابن رشيق القيرواني، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، ١/١٩٩، ط(٤)، سنة ١٩٧٢م، دار الجيل، سوريا، (بتصرُّف).
(٣) ٢٥]) الوساطة بين المتنبي وخصومه، القاضي الجرجاني، تحقيق أبو الفضل إبراهيم البجاوي، ص١٧، ط سنة ١٩٤٥م (بتصرُّف).


الصفحة التالية
Icon