والله أعلم بما وضعت }
كذا في قوله تعالى(١)[٤٥]) :
﴿ وذا النون إذ ذهب مغاضبًا فظنَّ أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ﴾
فليس المقصود من التأكيد هنا إلا حال المتكلم وحسه بالمعنى وأنه متقرّر في نفسه مؤكَّد في ضميره، وتجد هذا في توكيد الخبر بـ(إنَّ) (٢)[٤٦]) في قوله :
﴿ إني كنت من الظالمين ﴾
كذلك في قوله تعالى(٣)[٤٧]) :
﴿ ربي إني أسكنت من ذُريَّتي بوادٍ غير ذي زرع ﴾
وفي قوله(٤)[٤٨]) :
﴿ ربنا إننا سمعنا مناديًا ينادي للإيمان ﴾
وشبه ذلك كثير، وكله يحمل على اعتبار حال المتكلم وقوة إحساسه بالمعنى(٥)[٤٩]).
ج- حال المخاطب :
والمقصود هنا مراعاة حال المخاطب في أي زمان و مكان من حيث عدم علمه بالخبر وخلو ذهنه منه، أو إعلامه أن المتكلّم لديه علم بما يخفيه عنه ذلك المخاطب أو مخاطبته بالطريقة التي تليق به إن كان مُنكرًا للخبر أو مُتردّداً في صدقه.
فإذا كان المخاطب لا يعلم عن الأمر المُلقى إليه شيئًا أُلقي إليه الكلام مجرّداً من أي مؤكّد لفظي؛ لأن حال جهله بالخبر تقتضي ذلك(٦)[٥٠])، مثال قوله تعالى(٧)[٥١]) :
﴿ والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم ﴾
(٢) ٤٦]) دلالات التراكيب، دراسة بلاغية، د. محمد أبو موسى، ص١٠٣، ط(١)، سنة ١٩٧٩م، مكتبة وهبة القاهرة.
(٣) ٤٧]) سورة إبراهيم: ٣٧
(٤) ٤٨]) سورة آل عمران: ١٣٩
(٥) ٤٩]) دلالات التراكيب، ص١٠٤(بتصرُّف).
(٦) ٥٠]) البلاغة في ثوبها الجديد (علم المعاني)، د. بكري شيخ أمين، ١/٥٦(بتصرف)، ط(٣)، سنة ١٩٩٠م، دار العلم للملايين.
(٧) ٥١]) سورة يونس: ٢٥