أما عند الإخبار عن فسقهم فيؤكد الخبر بأكثر من مؤكّد(١)[٥٧])، وذلك لإنكار المنافقين وعدم اعترافهم بفسقهم.
أما قوله تعالى(٢)[٥٨]) :
﴿ وما أنت بمسمع من في القبور إن أنت إلا نذير ﴾
فالمخاطب هنا يعلم بهذه الحقيقة ولكنه يحتاج إلى شدة التنبيه والتأكيد على ضرورة عدم الحزن من القوم وحالة إعراضهم عنه وكأن حاله عليه الصلاة والسلام قد وصلت إلى حد من يعتقد أنه يملك مع الإنذار القدرة على هدايتهم وهيهات أن يكون له ذلك(٣)[٥٩]).
وقد تقتضي حال المخاطب أن يؤكَّد له الكلام بأحد المؤكّدات، كأن يكون ظاناً في الأمر أو شاكاً أو متردّداً أو منكراً تماماً لذلك الخبر(٤)[٦٠]).
وهنا لا بد من قرينة حاليَّة أو مقاليَّة يلاحظها المتكلم أو يقرؤها حتى يعلم إلى أي من هؤلاء ينتمي مخاطبه؛ ليلقي إليه كلامه موافقاً ومطابقاً لتلك الحال، وهذا ما يُعرف بخروج الكلام على مقتضى الظاهر(٥)[٦١])؛ فإذا كان المخاطب متردّداً أو شاكاً في ثبوت ما يقال له؛ فمقتضى هذه الحال أن يُلقى إليه الكلام مؤكَّداً بإحدى المؤكّدات كما جاء في قوله تعالى(٦)[٦٢]):
﴿... سيجعل الله بعد عسر يسرًا ﴾

(١) ٥٧]) المؤكدات هنا (إنَّ، ضمير الفصل، أل التعريف).
(٢) ٥٨]) سورة فاطر: ٢٢
(٣) ٥٩]) دلالات التراكيب، ص١٠٩(بتصرف).
(٤) ٦٠]) الإيضاح في علوم البلاغة (الخطيب القزويني)، شرح وتعليق محمد عبدالمنعم خفاجي، ١/٩٢-٩٣، ط(٥)، سنة١٩٨٠م،(بتصرُّف).
(٥) ٦١]) المرجع السابق/ ص٩٣(بتصرُّف).
(٦) ٦٢]) سورة الطلاق: ٧


الصفحة التالية
Icon