فالآية موجهة إلى الرجل المطلّق الذي ليس لديه سعة من المال والذي تطالبه الشريعة - رغم ذلك - بالإنفاق قدر استطاعته على زوجه الحاضنة لابنه، فالمخاطب هنا قد يكون لديه شك أو تردُّد في أن تعوَّض له هذه النفقة من الله عزَّ وجل(١)[٦٣]) فكان من مقتضى الحال أن يثبت له القرآن الكريم ذلك ويؤكّده بأحد المؤكّدات - وهي السين - حتى يزيل عنه ذلك الشك أو التَّردّد.
كذلك في قوله تعالى(٢)[٦٤]) :
﴿ قل لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا إلا ماشاء الله...... ﴾ الآية
فالآية تخاطب قوماً يرون في الرسول الكريم - ﷺ - القدرة على أن يملك لنفسه الضر والنفع ويعلم الغيب(٣)[٦٥]) ؛ فناسب حالة الشك هذه أن يقترن الأسلوب بالنفي والاستثناء - وهي طريقة من طرق التأكيد - وما ذاك إلا لإزالة الشك من نفوس المخاطبين(٤)[٦٦]).
أما عند مخاطبة المنكر للأمر؛ فلا بدَّ من سبر أغوار نفسه ومعرفة مدى قوة ذلك الإنكار حتى يأتي الخطاب مقروناً بمؤكدات كافية تناسب ذلك وحتى يكون الكلام مطابقاً للحال. وأمثلة ذلك كثيرة في القرآن الكريم؛ فاستمع - مثلاً - إلى قوله تعالى(٥)[٦٧]) :
﴿ وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ﴾

(١) ٦٣]) تفسير أبي السعود (إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم)، محمد بن محمد العمادي، ٨/٢٦٣، ط(بدون)، دار إحياء التراث (بتصرُّف).
(٢) ٦٤]) سورة الأعراف: ١٨٨
(٣) ٦٥]) تفسير البحر المحيط (أبو حيان الأندلسي)، ٤/٤٣٦، ط(٢)، دار الفكر.
(٤) ٦٦]) من بلاغة القرآن، د. أحمد أحمد بدوي، ص١٥٨، ط(بدون)، دار نهضة مصر للطباعة والنشر (بتصرُّف).
(٥) ٦٧]) سورة البقرة: ١١-١٢


الصفحة التالية
Icon