ومما ذكر في هذا الباب يتضح لنا مذهب أبي عمرو في الإدغام الصغير، فهو قد أدغم كل هذا الباب بلا استثناء بخلاف غيره من القُرَّاء والرواة الذين نجدهم يدغمون أحياناً ويظهرون أحياناً أخرى مما يؤيد لنا القاعدة التي ذكرناها من قبل أنَّ أبا عمرو يدغم من الحروف ما لا يدغمه ويميل في قراءته غالباً إلى التخفيف الذي أصبح سمة بارزة لقراءته.
[٣] إسكان بارئكم ويأمركم
ومن هذا التخفيف الذي اشتهرت به قراءة أبي عمرو عند توالي الحركات في الكلمة الواحدة نجده يسكّن الحرف إذا توالت الحركات، ويظهر ذلك في عدد من الكلمات في كتاب الله وقد اهتم الشاطبي بهذا الباب وأفرد له حيزاً في منظومته "حرز الأماني ووجه التهاني" حيث يقول:
وإسكان بارئكم ويأمركم له | ويأمرهم أيضاً وتأمرهم تلا |
وينصركم أيضاً ويشكركم وكم | جليل عن الدوري مختلساً جلا |
يقول الإمام أبو زرعة في كتابه: "حجة القراءات" عند حديثه عن قول القُرَّاء في كلمة (بارئكم ويأمركم وينصركم): "قرأ أبو عمرو بالاختلاس، وحجته في ذلك أنّه كره كثرة الحركات في الكلمة الواحدة، ورُوِيَ عنه إسكان الهمزة" (٢).
(١) المصدر السابق، ص ١٥٠.
(٢) حُجَّة القراءات، للإمام أبي زرعة عبد الرحمن بن محمد، تحقيق سعيد الأفغاني، مؤسسة الرسالة، ط/٣، ١٤٠٢هـ ـ ١٩٨٢م، ص ٩٧.
(٢) حُجَّة القراءات، للإمام أبي زرعة عبد الرحمن بن محمد، تحقيق سعيد الأفغاني، مؤسسة الرسالة، ط/٣، ١٤٠٢هـ ـ ١٩٨٢م، ص ٩٧.