وحكى سيبويه عن هارون: (بارئكم) باختلاس الهمزة والحركة لما رواه اليزيدي عنه بالإسكان لأنّ أبا عمرو كان يميل إلى التخفيف فيرى من سمعه يختلس بسرعة أنّه أسكن (١).
وعليه فإنَّ القراءة بالإسكان صحيحة من الناحية العربية فهي لغة تميم وبني أسد وبعض النجديين، كما أنّ لها وجهاً في العربية ومع ذلك كله ثبوتها عن رسول الله - ﷺ - كما رواها الثقة.
ودافع إمام الفن ابن الجزري وأبو حيان الأندلسي عن هذه القراءة قال ابن الجزري: "إنَّ القُرَّاء الذين نقلوا الإسكان في (بارئكم) قد نقلوا الاختلاس وليس مقبولاً أن يكونوا أساءوا السمع عن أبي عمرو في الأولى ولا يسيئونه في الثانية، هذا مما لا يشك فيه ذو لب ولا يرتاب فيه ذو فهم، وإذن فلا وجه لاتهامهم بضعف الدارية، فإنَّ من يزعم أنَّ أئمة القُرَّاء ينقلون حروف القرآن من غير تحقيق ولا بصيرة ولا توقيف فقد ظنّ بهم ما هم منه مبرءون وعنه منزهون (٢).
وينقل ابن الجزري قول الإمام أبي عمرو الداني يقول قال الداني: "والإسكان أصحّ في النقل وأكثر في الأداء، وهو الذي اختاره وآخذ به. ثمَّ قال: وأئمة القُرَّاء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللُّغة والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل، والرواية إذا ثبتت عندهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة، لأنّ القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها" (٣).

(١) الحُجَّة في القراءات السبع، للإمام ابن خالويه الحسين بن أحمد، تحقيق د. عبد العال سالم مكرم، ط/٥، مؤسسة الرسالة، ١٩٩٠م، ص ٧٨.
(٢) ابن الجزري: النشر في القراءات العشر، ٢/٢١٤.
(٣) المصدر السابق، ١/٦٠.


الصفحة التالية
Icon