وممن انتصر لقراءة الإسكان عن أبي عمرو ودافع عنها وذكر أنَّها من صميم العربية وأنَّ مَنْ روى الإسكان هو أبصر النّاس بالعربية وأدرى بها محقق كتاب: "الخصائص" لابن جني، وهو الشيخ محمد علي النجار، حيث يقول معلقاً على ما ذهب إليه في الطعن في قراءة أبي عمرو واتهام الراوي لها بعدم الدراية وهو أبو محمد اليزيدي قال: وهذا الذي رواه الكتاب رواه الفراء أيضاً ورووا معه الإسكان، وممن روى الإسكان أبو محمد اليزيدي، وهو مَنْ هو في القراءة والبصر بالعربية، ومثل أبي محمد ما كان ليُرمى بإساءة السمع، وقد روى أدق من هذا عن أبي عمرو فقد ذكر أنَّ أبا عمرو كان يشم الهاء من (يهدي) والخاء من (يخصمون) شيئاً من الفتح وهذا من اللطف بمكان.
ثم وجّه قراءة الإسكان ودافع عنها حيث قال: "وقد أفاض العلماء في بيان أنَّ العرب قد تعمد للإسكان تخفيفاً وأنَّ تسكين المرفوع في نحو (يشعركم) لغة تميم وأسد، ثم قال معقباً على ما قاله ابن جني فيما حكاه عن سيبويه فلا وجه للإسكان من جهة الدارية، وابن جني في الطعن على القراءة في هذا الموطن تابع للمبرد قبله، وهذه نزعة جانبه فيها الإنصاف (١).
فالإسكان الذي اختاره أبو عمرو وقرأ به هو لغة تميم وأسد وبعض نجد، وتميم من أفصح القبائل العربية ويؤكد ذلك ويرويه أبو العالية حيث يقول: "قرأ عليَّ رسول الله - ﷺ - من كل خمسٍ رجل فاختلفوا في اللغة فرضي قراءتهم كلهم، فكان بنو تميم أعرب العرب" (٢).
وأبو عمرو من هذه القبيلة، فهو تميمي الأصل، وهو أدرى بلغة قومه، والعربي ـ كما يقولون ـ: سيد لغته، أضف إلى كل هذا أنَّ هذه القراءة أخذها عن رسول الله - ﷺ -.
(٢) تفسير الطبري، ١/٤٥.