والآخر: ننسأْها أيضاً بسورة البقرة (١).
وقال أحمد بن حنبل في إحدى الروايات: قراءة أبي عمرو أحبّ القراءات إليّ، هي قراءة قريش وقراءة الصحابة (٢). ويقال إنَّ هارون الرشيد أمر أبا محمد اليزيدي أن يقرئ أولاده بحرف أبي عمرو بن العلاء، وعلّل ذلك بقوله لفصاحته (٣). وقال اليزيدي: كان أبو عمرو قد عرض القراءات فقرأ من كل قراءة بأحسنها وبما يختار العرب ومما بلغه من لغة النبي - ﷺ - وجاء تصديقه في كتاب الله عزّ وجلّ (٤).
أمَّا أبو عمرو بن العلاء فاسمه زبان إمام العربية والإقراء مع الزهد والصدق والثقة، ليس في القُرَّاء السبعة أكثر شيوخاً منه، قرأ بمكة والمدينة والكوفة والبصرة على جماعة كثيرة، سمع أنس بن مالك وقرأعلى الحسن البصري وأبي العالية وسعيد بن جبير وعاصم بن أبي النجود وعبد الله بن إسحاق الحضرمي وابن كثير المكي وعكرمة مولى ابن عباس وابن محيصن ونصر عن عاصم ويزيد بن القعقاع المدني ويحيى بن يعمر العدواني.
روى القراءة عنه أيضاً جماعة كثيرة منهم مشهورون مثل أبي زيد الأنصاري والأصمعي وعيسى بن عمر ويحيى اليزيدي وسيبويه ويونس بن حبيب، وكانت دفاتره ملء بيت إلى السقف، وقال عنه يونس بن حبيب تلميذه: لو قسّم علم أبي عمرو وزهده على مئة إنسان لكانوا كلهم علماء زهاداً والله لو رآه رسول الله - ﷺ - لسرّه ما هو عليه (٥).
(٢) عبد الرحمن بن إسماعيل أبو شامة: كتاب إبراز المعاني من حرز الأماني، طبع البابي الحلبي، ص ٥.
(٣) مجلة الضياء، العدد الأول، طبع حكومة دبي، هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ١٣٩٨هـ، ص ٨٤.
(٤) شمس الدين بن عبد الله الذهبي: معرفة القُرَّاء الكبار، تحقيق جاد الحق، طبعة دار الكتب الحديثة، مصر، ص ٨.
(٥) ملخص عن معرفة القُرَّاء للذهبي، ١/٨٧، وطبقات القُرَّاء، لابن الجزري، ١/٢٨٨.