هذا ولما كنتُ قد كتبتُ عن هذه القراءة في البحث الذي قدمته من قبل وشرحتُ فيه منظومة البهجة الفريدة للنشأة الجديدة في قراءة أبي عمرو تبيّن لي من خلال هذه الدراسة مميزات كثيرة لهذه القراءة عن بقية القراءات القرآنية الأخرى خاصة القراءات السبع، ولم أقف عند هذه المميزات كثيراً إذ لم تكن موضع البحث، كما أني قد درَّستُ هذه القراءة لطلبة كلية القرآن الكريم بأم درمان لعدد من السنين، وظهرت لي مميزات لها أثناء القراءة المتكررة مقارنة مع رواية حفص وورش، وظهر لي جلياً أنَّ لهذه القراءة مميزات تنفرد بها وتختص بها دون بقية القراءات الأخرى، فقد بيَّنتُ هذه المميزات في نقاط، وهي:
[١] اختصت هذه القراءة بمسائل الإدغام الكبير ولم يقرأ به غيره من القُرَّاء السبعة.
[٢] أنَّ أبا عمرو كان يميل فيها إلى التخفيف ويترك التثقيل الذي يختاره غيره من القُرَّاء. قال مجاهد في السبعة عند استعراضه لأقوال الرواة عن أبي عمرو عند قوله تعالى، يقول: "وهذا القول أشبه بمذهب أبي عمرو لأنّه كان يستعمل في قراءته التخفيف كثيراً ثم يقول مرة أخرى في نهاية حديثه والقول ما أخبرتك به من أنّه كان يؤثر التخفيف في قراءته كلها، والدليل على إيثاره التخفيف أنّه كان يدغم من الحروف ما لا يكاد يدغمه غيره ويليّن الساكن من الهمز ولا يهمز همزتين وغير ذلك (١).
[٣] ولم يكن يلتزم التخفيف تماماً في كل قراءته بل نجده أحياناً يختار التثقيل ويكون اختياره هذا عندما تكون قراءته بالتشديد واختياره له يحمل وجهاً في القراءة وعمقاً في اللغة لا يحمله التخفيف.