[٤] ومن أبرز هذه السمات التي تميِّز هذه القراءة أنّ أبا عمرو كان يخالف القُرَّاء كثيراً في حروف أجمعوا عليها حيث يقول علماء القراءات: قرأ جمهور السبعة كذا وقرأ أبو عمرو كذا، وعند توجيه القراءة نجد اختيار أبي عمرو يحمل عمقاً في اللُّغة يكون أكثر دلالة على المعنى.
[٥] تجده أحياناً يخيّر بين القراءتين وذلك إذا كان كل وجه يقرأ به يحمل معنى في اللُّغة جديراً بالاهتمام عنده. وفي اختياره للقراءة في كل ما ذكرنا عنه نجده أكثر القُرَّاء تمسُّكاً بالأثر والتزاماً به، ودليل ذلك ما قاله عن منهجه في القراءة: "لولا أن ليس لي أن أقرأ إلاَّ بما قُريء به لقرأت كذا كذا وكذا
كذا" (١). فالقراءة عنده سنة متبعّة. قال الشاطبي:
وما لقياس في القراءة مدخل
[٦] أمال إمالة محضة كلمة (النَّاس) المجرورة ولم يملها غيره من القُرَّاء.
[٧] وتراه أحياناً يخالف الرسم العثماني الذي اتفقت المصاحف عليه في عدد من الكلمات القرآنية (٢)، حيث اختار في قراءته وجهاً يخالف ما عليه الرسم في المصاحف العثمانية، وبذلك يخالف ركناً من شروط صحة القراءة قال ابن الجزري في ذلك:
وكل ما وافق وجه النحو | وكان للرسم احتمالاً يحوي |
(٢) مخالفة الرسم العثماني في بعض المواضع ليست مما ينفرد به أبو عمرو، فمما خولف فيه الرسم العثماني قراءة (السراط) و(سراط) أينما وجدا في القرآن، وهي قراءة قنبل من طريق ابن مجاهد، وكذا رويس، مع أنَّ الرسم لهذين الاسمين بالصاد الخالصة ووفق الرسم قرأ الباقون. هذا استدراك تفضل بكتابته مشكوراً فضيلة الشيخ/ أحمد محمد إسماعيل البيلي، وعزاه إلى الحسن بن أحمد بن الحسن الهمذاني العطار (ت ٥٦٩هـ) في كتابه "غاية الاختصار"، طبعة ١٤١٤هـ، ٢/٤٠٣، وابن أبي مريم (ت ٥٦٥ هـ) في كتابه: "الموضح في وجوه القراءات وعللها"، طبعة ١٤١٤هـ [التحرير]..