وصح إسناداً هو القرآن فهذه الثلاثة الأركان
وحيثما يختل ركن أثبت شذوذه لو أنّه في السبعة
ونحن ـ إن شاء الله تعالى ـ نقف في هذا البحث مع هذه النقاط التي ذكرناها عن مميزات هذه القراءة ونقول مستعينين بالله:
[١] الإدغام الكبير
التخفيف من السمات البارزة التي تميّز قراءة أبي عمرو عن بقية القراءات حيث إننا نجد أبا عمرو يدغم من الحروف ما لا يكاد يدغمه غيره من القراء، ولهذا فقد اختصت هذه القراءة بمسائل الإدغام الكبير. قال الشاطبي:
ودونك الادغام الكبير وقطبه أبو عمرو البصري فيه تحفّلا
يقول أبو شامة في "إبراز المعاني" مشيراً إلى اختيار أبي عمرو للإدغام الكبير: إنّ مدار الإدغام الكبير على أبي عمرو فمنه أخذ وإليه أسند وعنه اشتهر من بين القُرَّاء السبعة (١).
ويقول ابن القاصح شارحاً لهذا البيت: "ودونك إغراء"؛ أي: خذ الإدغام. وحقيقة الإدغام أن تصل حرفاً ساكناً بحرف متحرك فتصيّرهما حرفاً واحداً مشدداً يرتفع اللسان عنه ارتفاعة واحدة وهو بوزن حرفين. قوله: "وقطبه أبو عمرو": قطب كل شيء مِلاكه وقطب القوم سيدهم الذي يدور عليه أمرهم، أي مدار الإدغام على أبي عمرو وهو منقول عن جماعة كالحسن وابن محيصن والأعمش إلاّ أنّه اشتهر عن أبي عمرو فنسب إليه فصار قطباً له يدور عليه كقطب الرحا، قوله فيه تحفّلا... تحفّل أبو عمرو في أمر الإدغام من جمع حروفه ونقله والاحتجاج له يقال: احتفل في كذا أو بكذا والناظم نسب الإدغام إلى أبي عمرو (٢).
(١) أبو شامة: إبراز المعاني، ص ٦١.
(٢) سراج القارئ المبتدئ وتذكار المقرئ المنتهي لأبي القاسم علي بن القاصح، طبع دار الفكر، ص ٣٣.


الصفحة التالية
Icon