وكان أبو عمرو يخصّ بقراءة الإدغام الكبير طائفة من تلاميذه الذين لهم إلمام واسع باللُّغة مع المعرفة التامة بوجوه القراءات، وفي ذلك يقول ابن الجزري: "وكان أبو عمرو يقرئ بهذه القراءة الماهر النّحْرِير الذي عرف وجوه القراءات ولغات العرب" (١).
ويقول ابن الجزري في "النشر" عند ذكره لاختيار أبي عمرو للإدغام الكبير في قراءته قال أبو عمرو بن العلاء: الإدغام كلام العرب الذي يجري على ألسنتها ولا يحسنون غيره ومن شواهده في كلام العرب:
عشيةً تَمنى أن تكون حمامة | بمكة يؤويك الستار المحرم |
والكبير ما كان الأول من الحرفين فيه متحركاً سواء أكانا مثلين أم جنسين أم متقاربين، وسمي كبيراً لكثرة وقوعه إذ الحركة أكثر من السكون، وقيل لتأثيره في إسكان المتحرك قبل إسكانه وقيل لما فيه من الصعوبة (٢).
أَمَّا أحكام الإدغام الكبير؛ فإنَّ له شرطاً وسبباً ومانعاً، وشرطه التقاء المدغم بالمدغم فيه خطّاً، وأن يكون المدغم فيه أكثر من حرف إذا كان الإدغام من كلمة نحو (خلقكم). وسببه التماثل والتجانس والتقارب والأكثرون على الاكتفاء بالتماثل والتقارب، فالتماثل أن يتفقا ـ يعني الحرفين ـ مخرجاً وصفة، كالباء في الباء، والتاء في التاء، وسائر المتماثلين. والتجانس أن يتفقا مخرجاً ويتفقا صفة كالذال في الثاء، والثاء في الظاء، والتقارب أن يتقاربا مخرجاً أو صفة أو فيهما كالدال مع السين أو الشين (٣).
(١) محمد بن محمد الجزري: النشر في القراءات العشر، إشراف علي محمد الضباع، طبع المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ١/٢٧٦.
(٢) ابن الجزري: النشر في القراءات العشر، ١/٢٧٤.
(٣) المصدر نفسه، ١/٢٧٨.
(٢) ابن الجزري: النشر في القراءات العشر، ١/٢٧٤.
(٣) المصدر نفسه، ١/٢٧٨.