فإذا التقى المثلان فإمّا أن يكونا في كلمة أو كلمتين فإن كانا في كلمة فالمنقول عن أبي عمرو في رواية السوسي الإدغام ولم يقع من ذلك في القرآن إلاّ في كلمتين وهما: في البقرة،
و في المدثر، وأمّا ما عداهما من باقي باب المثلين من كلمة مثل (جباههم ووجوههم) فلم يدغمه السوسي. وفي ذلك يقول الشاطبي:

ففي كلمة عنه مناسككم وما سلككم وباقي الباب ليس مغوّلا
أمّا إذا التقى المثلان في كلمتين بأن يكون الأول آخر كلمة والثاني أول كلمة تليها فلا بُدّ من إدغام الحرف الذي وقع أولاً في الحرف الثاني إذا لم يكن هنالك مانع، وهذا النوع وقع في القرآن في سبعة عشر حرفاً وأمثلتها: (يأتي يوم، لا قبل لهم، يبتغ غير، الرحيم ملك، إنك كنت، الشوكة تكون، نصيب برحمتنا، فيه هدى، نحن نسبح، شهر رمضان، خلائف في الأرض، الناس سكارى، العفو وأمر، طبع على، حيث ثقفتموهم، النكاح حتى، الرزق قل) (١).
وإلى هذا يشير الشاطبي بقوله:
وما كان من مثلين في كلمتيهما فلا بُدَّ من إدغام ما كان أولا
كيعلم ما فيه هدى وطبع على قلوبهم والعفو وأمر تمثلا
ووجهه طلب التخفيف ويعلّل لهذا صاحب إبراز المعنى بقوله: وإنّما فعلت العرب ذلك طلباً للخفّة لما ثقل التقاء الحرفين المتجانسين والمتقاربين على ألسنتهم (٢).
[٢] الإدغام الصغير
الإدغام الصغير كما يقول ابن القاصح: "إدغام الحروف السواكن فيما قاربها وهو ما كان الحرف المدغم منه ساكناً. فمذهب أبي عمرو في هذا الباب إدغام حروف لم يدغمها غيره من القُرَّاء. ويتضح ذلك جلياً في الحديث عن إدغام (ذال إذ ودال قد وتاء التأنيث) ويمكننا أن نوضِّح مذهبه في هذا الباب بما ورد في "حرز الأماني" للشاطبي وشارحها ابن القاصح مع الاختصار.
(١) إرشاد المريد إلى مقصود القصيد: الشيخ على محمد الضباع، طبع محمد علي صبيح، ١٣٨١هـ، ص ٦٢.
(٢) أبو شامة: إبراز المعاني، ص ٦٠.


الصفحة التالية
Icon