"قرأ أبو عمرو (إنَّ) لأنّه اسم إنَّ فهذه قراءة جلية أيضاً فلهذا قال حج أي غلب في حجته لذلك" (١).
وينقل أبو شامة رأي الزجاج في هذه القراءة واعتراضه عليها وأنّها خالفت رسم المصحف حيث يقول: "قال الزجاج: وأمّا قراءة أبي عمرو فلا أُجيزها لأنّها خلاف المصحف، وكلما وجدت إلى موافقة المصحف سبيلاً لم أجز مخالفته، لأنّ اتباعه سنة وما عليه أكثر القُرَّاء (٢).
ويرد على الزجاج وغيره من النحاة الذين هاجموا أبا عمرو في قراءته هذه وأنكروها عليه الدكتور/ أحمد مكي الأنصاري في كتابه: "الدفاع عن القرآن ضد النَّحويين والمستشرقين" حيث يقول: "كان من المنتظر أن يتقبلوا قراءة أبي عمرو بقبول حسن لأنّها تتفق مع قواعدهم في إعراب المثنى بالياء في حال النصب بخلاف قراءة الألف فإنّها تخالف في ظاهرها ما وضعوه من القواعد المصنوعة، ولكنَّ أحداً من القُرَّاء لم يسلم من الغمزات فضلاً عن التخطيء والتجريح الصريح، من ذلك ما قالوه في قراءة أبي عمرو من الغمز الخفيف والهجوم العنيف تارة أخرى، استمع إلى الفراء يغمز أبا عمرو بن العلاء ويصفه بالجرأة في حياء حيث يقول معقباً على قراءته بالياء: ولست (اجترئ على ذلك)، ثم استمع إلى الزجاج يهاجم هذه القراءة ويردها في صراحة فيقول: لا أجيز قراءة أبي عمرو لأنّها خلاف المصحف، يقول ذلك وكأنَّ أبا عمرو قد اخترعها اختراعاً دون أنْ يكون له سند قوي من الرواية الموثوق بها كل الثقة وأبو عمرو هو مَنْ هو ثقة وعدلاً وضبطاً واتباع أثر، وهو يعلم علم اليقين أنَّ القراءة سنة متبعة وما كان له أن يخالف ذلك في قليل أو كثير" (٣).
(٢) نفس المصدر، ونفس الصفحة.
(٣) د. أحمد مكي الأنصاري: الدفاع عن القرآن ضد النحويين والمستشرقين، طبع دار الاتحاد العربي، نشر دار المعارف، ١٩٧٣م، ص ٦٢.