ومن هذه الكلمات التي قرأها أبو عمرو مخالفاً في قراءتها لجمهور القُرَّاء ورسوم المصاحف العثمانية كلمة (وأكون) بسورة المنافقون في قوله تعالى
(١)، فقد رسمت هذه الكلمة بحذف الواو في المصاحف العثمانية على ما نقله الداني قال: حدثنا الخاقاني قال: حدثنا أحمد حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: رأيتُ في الإمام مصحف عثمان، بحذف الواو، واتفقت المصاحف بذلك فلم تختلف.
وقال الحلواني أحمد بن زيد عن خالد بن خداش قال: رأيتُ في الإمام عثمان (وأكون) بالواو، وقال: رأيتُ المصحف ممتلئاً دماً وأكثره في النجم.
قال الشيخ/ محمد علي الضباع نقلاً عن الجعبري: "وقد تعارض نقل هذين العدلين، ويحتمل أن يكون أحدهما رواه بعد دثور الواو" (٢).
ومما رواه الحلواني ونقله عنه الجعبري يتضح موافقة قراءة أبي عمرو لرسم المصحف العثماني وعدم مخالفتها له.
وفي تتبعنا لرسم هذه الكلمة في المصاحف السُّودانية المخطوطة التي كتبت على رواية الدوري عن أبي عمرو وجدت هذه الكلمة في أكثر المصاحف (وأكون) بالواو، وفي بعضها بغير واو، وقد نبّه كُتّاب المصاحف الذين يكتبون الواو في هذه الكلمة حيث كتبوا فوقها بالمداد الأحمر كلمة (خلاف) إشارة إلى الخلاف في رسم هذه الكلمة الذي ذكرناه، لكن وجدتُ الشريف محمد الأمين الهندي شيخ قُرَّاء السُّودان في فترة الحكم التركي في السُّودان كتب أبياتاً من النظم ينتصر فيها لقراءة الواو في (وأكون) ورسمها كذلك بالواو، قال الهندي:
وأكون رسمها بالواو... عن الإمام المازني الراوي
ورسمها بالواو قل مختار... عن كل المغاربة الأخيار
لكن حذفها جرى به العمل... والراجح الإثبات والحذف أقل
(٢) علي محمد الضباع: سير الطالبين في رسم وضبط الكتاب المبين، الطبعة الأولى، طبع عبد الحميد حنفي، ص ١٠٥.