وقد انتصر لأبي عمرو في قراءته هنا بالواو الإمام أبو زرعة، وبعد أن ذكر حُجّة من قرأ بحذف الواو وهم بقية القُرَّاء السبعة غير أبي عمرو قال: "وأما قول أبي عمرو: (وأكون) فإنه حمله على لفظ (فأصدق وأكون) وذلك أنَّ (لولا) معناه هلاّ، وجواب الاستفهام بالفاء يكون منصوباً وكان الحمل على اللفظ أوْلَى لظهوره في اللفظ وقربه مما لا لفظ له في الحال" (١).
ومن الكلمات التي قرأها أبو عمرو وخالف فيها رسم المصحف كلمة (خطاياهم) بسورة نوح - عليه السلام - من قوله تعالى (٢)، فقد قرأها أبو عمرو (خطاياهم) وقرأ الباقون (خطيئاتهم) قال الإمام أبو زرعة: قرأ أبو عمرو: (مما خطاياهم) وحُجّته أنَّ الخطايا أكثر من الخطيئات، لأن جمع المؤنث بالتاء في الأغلب من كلام العرب أن يكون للقليل مثل نخلة ونخلات، وبقرة وبقرات، قال الأصمعي: "كان أبو عمرو يقرأ (خطاياهم) ويقول: إنَّ قوماً كفروا ألف سنة كانت لهم خطيئات؟ لا بل خطايا، إلى أنْ يقول: وحُجّته إجماع الجميع في سورة البقرة (٣)، وقرأ الباقون (خطيئاتهم) بالتاء وحُجّتهم مرسوم المصاحف بالتاء" (٤).
ومن هذه الكلمات التي خالف فيها أبو عمرو المصاحف كلمة (أقتت) في سورة المرسلات من قوله تعالى (٥). قال الشاطبي:
وُقّتَتْ واوه حَلا
قال ابن القاصح: "أخبر أنَّ المشار إليه بالحاء من (حلا) وهو أبو عمرو وقرأ (وإذا الرسل وُقتت) بواو مضمومة أوله، وأنَّ الباقين قرأوا (أُقتت) بهمزة مضمومة مكان الواو" (٦).

(١) أبو زرعة: حُجّة القراءات، ص ٧١١.
(٢) سورة نوح، الآية رقم (٢٥).
(٣) سورة البقرة، الآية (٥٨).
(٤) أبو زرعة: حُجَّة القراءات، ص ٧٢٧.
(٥) سورة المرسلات، الآية (١١).
(٦) سراج القارئ المبتدئ لابن القاصح.


الصفحة التالية
Icon