قال أبو زرعة: "قرأ أبو عمرو (وإذا الرسل وُقّتَتْ) بالواو وتشديد القاف على الأصل لأنّها (فُعّلت) من الوقت مثل قوله: (١)، وقرأ الباقون بالألف (أقتت) وحُجّتهم في ذلك خطّ المصاحف بالألف. فمن همز فإنَّه أبدل الهمزة من الواو لانضمام الواو، وكل واو انضمت وكانت ضمتها لازمة جاز أن تبدل منها همزة فتقول في (وجوه) (أجوه)" (٢).
ونختم هذا البحث بالحديث عن أبي عمرو ومكانته العلمية على لسان تلاميذه الذي أخذوا عنه العلم ولازموه.
قال عنه تلميذه عبد الملك بن قريب الأصمعي: "وكان أبو عمرو رجل زمانه علماً ونبلاً وصدق لهجة غير معتد به ولا متبجح عليه، وكان أبو عمرو يحسن علوماً إذا أحسن إنسان فناً منها قال: مَنْ مثلي؟ ولا يعتد أبو عمرو بذلك، وما سمعتُهُ قَطُّ يَتَمدَّحُ إلاَّ أنَّ إنساناً لاحاه مرة فقال: والله يا هذا ما رأيتُ أحداً قط أعلم بأشعار العرب ولغاتها مني، فإنْ رضيت ما قلت وإلاَّ فأوجدني عمن ترى" (٣). ويقول الأصمعي أيضاً: "أنا لم أرَ بعد أبي عمرو أعلم منه" (٤).
وقال تلميذه أبو عبيدة معمر بن المثنى: "أبو عمرو أعلم الناس بالقراءات والعربية وأيام العرب والشعر" (٥).
وقال عنه أيضاً يونس بن حبيب تلميذه: "لو كان أحد ينبغي أن يؤخذ بقوله في كل شيء واحد لكان ينبغي لقول أبي عمرو أنْ يؤخذ كله ولكن ليس أحد إلاَّ وأنت آخذ من قوله وتارك" (٦).
(٢) حُجَّة القراءات، ص ٧٤٢.
(٣) عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي: مجالس العلماء، طبع الكويت، ١٩٦٣م، ص ٢٤٢.
(٤) محمد بن الحسن الزبيدي: طبقات النحويين واللغويين، تحقيق محمد أبو الفضل، ١٣٧٣هـ، طبع الخانجي، ص ٣١.
(٥) ابن الجزري: غاية النهاية، ١/٢٨٩.
(٦) الزبيدي: طبقات النحويين، ص ٣١.