وقد نقل هذا القول أبو حيان في البحر المحيط فقال :" وقيل :( أولى ) مبتدأ، و(لهم) من صلته، و(طاعة) خبر، كأنّ اللام بمعنى الباء، كأنه قيل : فأولى بهم طاعة " (١).
ثم نقل قولاً آخر في إعراب ( طاعة ) وهو أن ( طاعة ) في الآية الثانية صفة لـ ( سورة ) في الآية الأولى، وعقّب عليه بأنه " ليس بشيء، لحيلولة الفصل الكثير بين الصفة والموصوف " (٢).
وما كان أحقّه أن يعقب على القول السابق أيضاً بمثل هذا التعقيب ! وذلك لوجوه منها :
١- ( أولى ) بمعنى " أحقّ " لا يقال فيه - كما سبق - " أولى له " باللام، وإنما يقال بالباء، وعليه التنزيل أينما جاء فيه. فقال تعالى :﴿ إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا ﴾ (آل عمران: ٦٨).
وقال تعالى :﴿ إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما ﴾ ( النساء : ١٣٥ ).
وقال تعالى: ﴿ وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ﴾ (الأنفال: ٧٥).
وقال تعالى :﴿ ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صلياً ﴾ ( مريم : ٧٠ ).
وقال تعالى :﴿ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ﴾
(الأحزاب : ٦ ).
ولم تقرأ ( أولى ) في آية من هذه الآيات كلها - ولو في قراءة شاذة - باللام مكان الباء.
و كذلك لم تنقل كتب اللغة والغريبين والتفسير من كلام النبي ﷺ أو كلام غيره من العرب ما جاء فيه " أولى له " بمعنى " أولى به ".

(١) البحر المحيط ٩ : ٤٧٠.
(٢) وهو مما أجازه الزجّاج احتمالاً في كتابه معاني القرآن وإعرابه ٥ : ١٣ ولعله استفاد من كلام الفراء على هذه الآية في تفسير سورة النساء. انظر معاني القرآن له ١ : ٢٧٩.


الصفحة التالية
Icon