والشاه عبد القادر –رحمه الله- أحد أبناء العلامة الشاه ولي الله الدهلوي ( ت ١١٧٦هـ ) الذي نفع الله المسلمين في الهند به وبأسرته المباركة نفعاً عظيماً، فوفقهم لنشر علوم القرآن، وعلوم الحديث، وإحياء روح الجهاد. ولولا تعلق الشاه ولي الله -رحمه الله- بسلسلة التصوف وفلسفته ورسومه لكانت نتائج مساعيه الجليلة أصلح وأنفع وأنقى.
وكان من جهود هذه الأسرة الكريمة في نشر علوم القرآن الكريم أن الشاه ولي الله -رحمه الله- ترجم معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفارسية التي كانت في عصره لغة العلم والأدب في شبه القارة الهندية، وكانت تلك خطوة جريئة تعرض من جرائها للطعن والمضايقة من قبل بعض الحكام والعلماء من معاصريه(١)، ولكنها فتحت باباً واسعاً من أبواب الخير لعامة المسلمين؛ إذ أمكنهم بواسطتها فهم كتاب الله عز وجل.
ثم تبعه من أبنائه الشاه رفيع الدين والشاه عبد القادر رحمهما الله، فترجم كل منهما معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأردية التي نمت وترعرعت في زمنهما، وكانت تلك خطوة موفقة أخرى لها ما بعدها، فقد نشطت حركة ترجمة معاني القرآن الكريم إلى الأردية، وتتابعت الترجمات، حتى بلغ عدد الترجمات الكاملة فقط في خلال قرنين من الزمن ١٦٤ ترجمة حسب أحد الفهارس التي صدرت في باكستان عام ١٩٨٧م(٢).
ومن المترجمين الذين اشتهرت ترجماتهم بعد ترجمتي الشاه رفيع الدين والشاه عبد القادر رحمهما الله، ولا تزال متداولة في شبه القارة الهندية :
نذير أحمد الدهلوي ( ت ١٣٣٠هـ ).
وحيد الزمان الحيدرآبادي ( ت ١٣٣٨هـ ) صاحب التفسير الوحيدي.

(١) انظر مقالة الدكتور ظهير أحمد الصديقي عن ترجمات القرآن الكريم باللغة الأردية في مجلة "جامعة " عدد سبتمبر سنة ١٩٧٥م ص ١٠١.
(٢) أفادني بذلك أخي الدكتور الحافظ أبو سفيان الإصلاحي معتمداً على كتاب " " للدكتور أحمد خان، الذي نشر في إسلام آباد سنة ١٩٨٧م، ولم أتمكن من الاطلاع عليه.


الصفحة التالية
Icon