وقد كان أكثر أصحاب الترجمات الأردية التي أشرت إليها آنفاً من العلماء المشهورين، ولهم قدم راسخة في العلوم الدينية المتداولة من التفسير والحديث والفقه، بالإضافة إلى إتقانهم اللغة العربية. ثم اعتمدوا عند قيامهم بالترجمة على كتب التفسير والترجمات السابقة، فمن الجائز أن يكون بعضهم اختار قولاً مرجوحاً من أقوال المفسرين، أولم يوفق في اختيار كلمة مناسبة أو أسلوب مناسب للتعبير عن معنى النص المترجم، ولكن من الصعب أن تجد في ترجماتهم أخطاء فاحشة مردها الجهل باللغة العربية. وإن وجد فسيكون شيئاً يسيراً، ومن السهو والذهول الذي لا يخلو منه العمل البشري. وهذا هو الذي قصدت إلى التنبيه عليه في هذا البحث، فالتزمت أن تكون كلمة الترجمة التي أناقشها خطأ ظاهراً أو شبيهاً به من الناحية اللغوية. أما إذا وافقت قولاً من الأقوال المنقولة في كتب التفسير والغريب، وله شواهد - ولو كانت ضعيفة في نظر الكاتب - فهذا البحث عنها بمعزل.
الفصل الأول
في ترجمة الألفاظ
الألفاظ التي سيتناولها هذا الفصل أنواع : منها ما وقع الخطأ في تفسير أصل معناها، نحو كلمة (الشوى) في سورة المعارج، فسرها بعض المترجمين بمعنى الكبد، وكلمة (سجّرت) في سورة التكوير التي ترجمت بمعنى "رُدِمَتْ وسُوِّيَتْ". ومنها كلمة اختار المترجم من وجوه معناها وجهاً غير مناسب لسياق الآية نحو كلمة (الظن) التي جاءت في غير ما آية بمعنى اليقين، فترجمت فيها بمعنى الشك، وكلمة (الروح) التي فسرت بمعنى الملَك في الآية التي جاءت فيها للوحي. ومنها ما تأثر المترجم في تفسيره باستعمال الكلمة عند المتأخرين أو في لغته، نحو كلمتي (التنازع) و (المجادلة) اللتين غلب استعمالهما بمعنى الخلاف والخصام.
وختم الفصل بكلمة تعرض معناها لتحريف متعمَّد، وهي كلمة (الشجرة) المذكورة في قصة آدم وإبليس، فترجمها زعيم طائفة منكري السنة بمعنى ( المشاجرة ) ! وإليكم التفصيل:
(١) الشوى


الصفحة التالية
Icon