إلى الحواريين وكلمهم ووصاهم وهذا مذكور في أناجيلهم وكلها تشهد بذلك وذاك الذي جاء كان شيطانا قال أنا المسيح ولم يكن هو المسيح نفسه ويجوز أن يشتبه مثل هذا على الحواريين كما اشتبه على كثير من شيوخ المسلمين ولكن ما أخبرهم المسيح قبل أن يرفع بتبليغه فهو الحق الذي يجب عليهم تبليغه ولم يرفع حتى بلغ رسالات ربه فلا حاجة إلى مجيئه بعد أن رفع إلى السماء
وأصحاب الحلاج لما قتل كان يأتيهم من يقول أن الحلاج فيرونه في صورته عيانا وكذلك شيخ بمصر يقال له الدسوقي بعد أن مات كان يأتي أصحابه من جهته رسائل وكتب مكتوبة وأراني صادق من أصحابه الكتاب الذي أرسله فرأيته بخط الجن وقد رأيت خط الجن غير مرة وفيه كلام من كلام الجن وذاك المعتقد يعتقد أن الشيخ حي وكان يقول انتقل ثم مات وكذلك شيخ آخر كان بالمشرق وكان له خوارق من الجن وقيل كان بعد هذا يأتي خواص أصحابه في صورته فيعتقدون أنه هو وهكذا الذين كانوا يعتقدون بقاء علي أو بقاء محمد بن الحنفية قد كان يأتي إلى بعض أصحابهم جني في صورته وكذا منتظر الرافضة قد يراه أحدهم أحيانا ويكون المرئي جنيا جنيا فهذا باب واسع واقع كثيرا وكلما كان القوم أجهل كان عندهم أكثر ففي المشركين أكثر مما في النصارى وهو في النصارى كما هو في الداخلين في الإسلام وهذه الأمور يسلم بسببها ناس ويتوب بسببها ناس يكونون أضل من أصحابها فينتقلون بسببها إلى ما هو خير مما كان عليه كالشيخ الذي فيه كذب وفجور من الإنس قد يأتيه قوم كفار فيدعوهم إلى الإسلام فيسلمون ويصيرون خيرا مما كانوا وإن كان قصد ذلك الرجل فاسدا وقد قال النبي ﷺ إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر وبأقوام لا خلاق لهم وهذا كان كالحجج والأدلة التي يذكرها كثير من أهل الكلام والرأي فإنه ينقطع بها كثير من أهل الباطل ويقوى بها قلوب كثير من أهل الحق وإن كانت في نفسها باطلة فغيرها أبطل منها والخير والشر درجات فينتفع بها أقوام ينتقلون مما كانوا عليه إلى ما هو خير منه وقد ذهب كثير من مبتدعة المسلمين من الرافضة والجهمية وغيرهم إلى بلاد الكفار فأسلم على يديه خلق كثير وانتفعوا بذلك وصاروا مسلمين مبتدعين وهو خير من أن يكونوا كفارا وكذلك بعض الملوك قد يغزو غزوا يظلم فيه المسلمين والكفار ويكون آثما بذلك ومع هذا فيحصل به نفع خلق كثير كانوا كفارا فصاروا مسلمين وذاك كان شرا بالنسبة إلى القائم بالواجب وأما بالنسبة إلى الكفار فهو خير وكذلك كثير من الأحاديث الضعيفة في الترغيب والترهيب والفضائل والأحكام والقصص قد يسمعها أقوام فينتقلون بها إلى خير مما كانوا عليه وإن كانت كذبا وهذا كالرجل يسلم رغبة في الدنيا ورهبة من السيف ثم إذا أسلم وطال مكثه بين المسلمين دخل الإيمان في قلبه فنفس ذلك الكفر الذي كان عليه وانتهاره ودخوله في حكم المسلمين خير من أن يبقى كافرا فانتقل إلى خير مما كان عليه وخف الشر الذي كان فيه ثم

__________


الصفحة التالية
Icon